Share |

أيها الإيزيديون ثوروا لنسائكم .... بقلم: سينان أيو

 

 

نحن في القرن الحادي والعشرين ، يعني هذا أننا تجاوزنا اكثر من ألفي عام في التاريخ الميلادي ،  وأننا في القرن السابع والعشرين من التاريخ الكردي ، أي أننا ، كإيزيديين تجاوزنا قرون عدة قبل هذا التاريخ ، انه ليس سرد تاريخي ، بل وجودنا كأمة حضارية تمتلك المقومات ، التي تؤهلها بأن تكون أمة عظيمة .

الأمم التي أتت من بعدنا تطورت ، ووصلت معارفها إلى الفضاء ، بعد أن طوّعوا الأرض بما فيها لهم ، مع العلم إن إرثنا الحضاري يدل على تطور ذهني كبير ، وقد سبقنا الأمم الأخرى في معرفة الخالق ، وفي التصورات الما ورائية ، وهذا دليل على حدس معرفي راقٍ ، صياغة الالوهية هذه لا تأت إلا بفكرة متطورة جداً ، خاصة إن هذه الفكرة تأتي بعد التنظيم الاجتماعي الراقي المبني اساساً على اسس تنظيمية للمجتمع ، وفق اسس تجريبية ، كالمتضادات المعروفة ، الخير والشر - الجنة والنار .

هناك وهناً أصابنا جراء تقوقعنا اللا مجدي ، وتمترسنا خلف مفاهيم لا تمت لنا بصلة ، لا من الناحية الدينية ، ولا من الناحية الاجتماعية ، ومن ناحية أخرى طغيان ثقافة المجتمع الذكوري أثر سلباً ، على طاقات المجتمع ، حيث عطل نصفه ، أما الرجال من شيوخ العشائر ورجال الدين ، وقادة عسكريون ، وأصحاب كفاءات علمية ، فقد دخلوا عالم السياسة ، والعلم ، والأدب ، وتقلدوا مناصب هامة في الدولة ، والمجتمع ، وتجدهم في غاية الأناقة ، والإتيكت يتواضعون لهذا ، ويقدمون التحية لذاك ويخطب ، بالناس منادياً ، بالعدل والمساواة وإطلاق الحريات ، ويترك خلفه في البيت سجاناً ، ومسجونات زوجته ، أو بناته ، ليس للنساء أي أهمية أو قيمة في الحياة ، أنهن مربيات ، وعاملات منزليات ، ويُضع لحريتهن القيود ، والأغلال ، ويحرمهن من أبسط مقومات السعادة ، والبهجة ، كالعطر ، والمكياج وبعض الإكسسوار ، ولو بعضهن سمح لهن بالتعليم ، وإنما الشهادة  للزينة الديكور ، وتمنع من العمل بحجج كثيرة .

تعتبر المرأة في العالم المتقدم من الركائز الأساسية ، لتطوير مجتمعها لأن المجتمعات المتحضرة لا تضع الحواجز ، والعراقيل في وجهها ، بل تساعدها وتعطيها الفرصة والوسيلة أسوة ، بالرجل لتحقيق ذاتها ، وتنمية مهاراتها وبناء وطنها ، بفاعلية واقتدار نحو مستقبل أفضل .

أما المرأة الإيزيدية خاصة ، والكردية بشكل عام تعاني من مشاكل حياتية جمة نتيجة ، لظروف اجتماعية قاسية ، وتأثير العادات القبلية والأعراف الدينية الواهية المسيطرة جعلت المرأة تعيش حالة من الانحطاط الثقافي والفكري ، وتكابد ظروف حياتية صعبة نتيجة قسوة القائمين ، على رعايتها والمسئولين عنها حسب العرف والعادات ، وللأسف أنهم يمارسون بحقها الاستبداد والعنف ، وكبت الحريات الإنسانية ، ويمنعونها من التعليم ، ويجبرونها على الزواج ، وهن قاصرات ، أو يزوجونهن بكبيرٍ في العمر مرغمات ، وهذه الأسباب هي وراء ظاهرة ((انتحار)) الفتيات ، فاختارت أسوء الطرق في حل مشاكلها ، ولملمة جراحها ، والتخلص من آلامها خاصة في منطقة " سنجار" نستطيع أن نقول بأنها أصبحت ظاهرة .

إن المرأة غير قادرة ، بالدفاع عن نفسها ، لكون الله قد خلقها إنسانة أقل قوة من الرجل ، وهي بكل رقة وجاذبية وبراءة تناجي إنسانية أخيها الرجل ، وتحاول أن توصل رسالتها إلى ذويها أولاً وبني قومها ثانياً ، والعالم الحر أخيراً ، بأنها إنسانة مهذبة موهوبة ، وتمتلك طموحاً  وأهدافاً سامية وغايات نبيلة ، ومهارات فكرية رائعة ، وترغب أن تنال فرصتها ، بالحياة أسوة بنساء المجتمعات المتطورة ، وتناشدكم أيها السادة معشر الرجال ، وتستحلفكم بالله أن تمنحوها الثقة ، والأمن والأمان ، فهي إنسانة من لحمكم  ودمكم  وهي الأم  والأخت والزوجة والبنت ، كل أملها أن ترفعوا عنها القيود الاجتماعية الظالمة ، وتفكوا الأغلال عن معصميها ، قال أحد الحكماء : ولدتني امرأة وعلمتني امرأة وأحببت امرأة ، فكيف لا احترم النساء ؟.

 كفى تعطيل نصف المجتمع الذي نحن ، بأمس الحاجة إليه لا تقفوا مرة أخرى حجر عثرة في وجه طموحاتها ، وهي تطمح على الخوض ، والكفاح حتى تحقيق أحلامها ، فتثبت لنفسها ، وللآخرين أحقيتها في حياة حرة كريمة ؟.

في التاريخ الإيزيدي نساء أثبتن جدارتهن ، وقوتهن عندما مُنحن الفرصة ،  كالأميرة الخالدة ميان خاتون ، جدة سمو الأمير تحسين بن سعيد بك ، التي أبهرت المستشرقين ، وزوارها الغربيين ، بدهائها ورجاحة عقلها ، وشخصيتها القوية المتميزة ، وقد دام عهدها أربعة وأربعين عاماً وسمي ، بالعهد الذهبي إلى أن تولى الأمير الحالي سمو الأمير تحسين بك أمور الإمارة عام 1944.

إن الديانة الإيزدية تُعرف ، بمحافظتها الشديدة ، وفي تمسكها ، بالعادات والتقاليد لدرجة التجمد ، ويحاول الإيزيدي الذي نهل من العلوم والمعرفة ، وعايش المجتمعات المتحضرة إدخال روح العصر ، وثقافته إلى مجتمعه ، ولكنه يصطدم بجبهة الرافضين من القائمين على شؤون المقدسات والدين ، الذين مازالوا مسيطرين على مفاصل الحياة اليومية ، لذلك يعيش الإيزيدي اليوم مخاضاً عسيراً ، أو ما يشبه ، بصراع غير مباشر ، بين تيارين الأول يتمسك بالوضع القائم ، ولا يقبل الخوض فيه ، والثاني يدعو ، لغربلة الشوائب ، وحذف كل  ( بدعة ) ، أو خرافة مع الوقت شكلت في عقول العامة اسطورة ، وحذف أي نص ديني لا يعتمد على قاعدة ثابتة من (القول ، والرواة) ، والفصل في هذا الموضوع ، لأهل العلوم الدينية ، والقائمين على شؤون العبادات المدركين ، والسماح بإدخال كل جديد لا يتعرض مع روح ، وجوهر الدين ، الذي يهدف إلى تقويم النفس البشرية ، وأعدادها لتكون لبنة صالحة ، في بناء مجتمع يدعو إلى الخير  والمعروف ، وينبذ العنف  والفسق والفجور .

المجلس الديني أو المجلس الروحاني ، مع جل احترامي لهم ، فمن المحزن أنهم لا يفكرون بالنهوض ، بهذه الديانة وهذا الشعب ، حتى يلائم العصر ويواكب الحضارة ، ومحاولة اللحاق بالركب العالمي من تطور ، ونمو وازدهار علمي واقتصادي ، ولكن للأسف يبدو أنهم غير مبالين ، بهذا الشعب وغاية همهم المناصب ، وتوريثها ، لأبنائهم من بعدهم ، والمجتمع الإيزيدي يتحمل المسئولية اتجه نفسه ، ومجتمعه ، لأنه جمد طاقاته وركن ، للتخلف الفكري والإيماني والعقائدي ، فبقت المياه من حوله راكدة ، وهو لا يحرك ساكناً ، وهذه السلبية التي لازمت الإيزيدي طويلاً ، قد أمد المجلس الروحاني بالكسل والإهمال والابتعاد عن الأحداث ، وإنما صمت المجلس المقيت لا مبرر له ، في القضايا الحساسة ، والتي تمس حياة الناس ، كظاهرة الانتحار في المجتمع ، فهل وقفوا على الأسباب ، وعالجوا أصل المشكلة ؟

إن الدعوة موجهةٌ لصاحب السمو الأمير تحسين بك ، أن ينادي لعقد مؤتمر عام للإزيدية في العالم ، فقد أصبحت الحاجة ملحة ، لعقد هذا المؤتمر ، وعلى جناح السرعة ، لتدارس الوضع العام للشعب الإيزيدي ، لتأسيس مشروع ديني ثقافي ، وبالصورة التي ينبغي وأن لا يكون شيء ممنوع من النقاش لدى مختلف المؤسسات ،الثقافية والدينية والمثقفين عامة ، بشكل عام يستطيعوا أن يميزوا بين المفيد والضار وبالتالي يستطيعوا بإدراك ووعي كامل مناقشة مختلف القضايا التي تهم الإنسان الإيزيدي ويمكنهم وبنيات مخلصة وأمينة ، مع بعضهم البعض أن يخرجوا بنتائج إيجابية تخدم الوطن والدين والشعب ، ليؤسسوا ميثاق شرف يعتمد على القيم الروحية للديانة الإيزيدية ، ومبادئها السمحة ، والقيم التي تمجد الشرف والوفاء والصدق في أعراف وتقاليد المجتمع ، وينتخبون مجلس استشاري ، وأخر ديني لمن يحمل شهادة التأهيل الديني ، والثقافي ، وانتخاب منصب البابا شيخ على اساس الكفاْءة ، والمؤهلات والشهادة الدينية ، والثقافة العامة ، والشخصية التي تتسم بالحكمة والذكاء ، من قبل المجتمعين الذين يمثلون الشعب من الجنسين ، وبواقع كل عشرين ألف نسمة يمثلها شخص واحد ، ولمدد محدودة ، وتقسيم المنتخبين إلى لجان ، وهيئات لكل هيئة أو لجنة مهامها ، وواجباتها الادارية والدينية ، بهذا يمكن الوقوف على حاجات المجتمع ، ومعالجة مشكلاته اليومية وليكن في كل دولة ما يشبه الفيدرالية من خلال مندوبيها المنتخبين ، والمرجع الديني في لالش ، لمناقشة القضايا الحساسة والكبيرة والتي تمس الجوهر في الحالات الطارئة ؟.