Share |

الشاعر والفنان التشكيلي والناقد حكيم نديم الداوودي يتحدث: حاوره : بدل رفو - ستوكهولم \ السويد

  حكيم نديم الداوودي و  بدل رفو

 

- أرسم لأني أُحب الحرية والإنسانية، أكتبُ لشعبي ولوطني  ولعشق الحياة.

- لا أعتقد ستنتهي رحلة الإغتراب بمعناها الروحي.

     

على سرير غربتي

تتشظي أحلامي

حلمٌ يخترق

عظامي

(ح.ن.الداوودي)

 

حين يمتزج الأدب الأنساني القادم من الشرق بثقافة البلاد الاسكندنافية ذات الحضارة العريقة والتي توصف برحم الإنسانية والطيبة وبمنبع الرومانسية والبحيرات والطبيعة والضوء وقتها يكون لذلك الأدب والفن معنى وإندماجاً مع روح المبدع الشرقي . وعلى مقربة من العاصمة ستوكهولم قادنا الموعد المحدد نحو منطقة (شيستا) المكللة بأضواء المحلات والمطاعم الأنيقة المكتضة على مدار فصول السنة  بالحركة السياحية والنشاط التجاري،وعندما بحثت عن معنى شيستا في القاموس السويدي وكانت تعني باللغة السويدية (التابوت) ولكنها بعيدة كل البعد عن السوداوية وعن رهبة التوابيت. في إحدى مقاهيها الجميلة وتحت ظل لوحة جدارية مزركشة بالأطياف اللونية الجميلة وبعد معرفتنا ببعضنا لأكثر من عقد من الزمن، وعن طريق الشبكة العنكبوتية تحوّل اللقاء المرتقب الى واقع جميل، وذكرى حلوة أحملها في غربتي وفي قلبي مع الشاعر والناقد والتشكيلي المبدع (حكيم نديم الداوودي)وتغلغل الحديث نحو مسارات عدة ومنها ذكرياتنا في الوطن الأم،وحال المؤسسات الثقافية، ورحلاتي في العالم وبعد ساعات جميلة مع الشاعر الإنسان الداوودي أثمرت هذا اللقاء الصريح:                                                   

 

س: لكل فنان وأديب مغترب وطن خاصٌ به وعالمه السرمدي، فهل تمكنت أن تشّيد وطنك  الخاص بك؟

 

لاأعتقد للأديب وطنٌ بديلٌ غير وطنه الأم، ذلك الوطن الذي تعلم منه الوفاء والإخلاص والتمسك بثوابته، والمساهمة مع الآخرين في جعله منارا للحرية والديمقراطية وواحة للتعايش الإنساني بكل مسمياته الإثنية والعرقية، وشعلة للاندماج الحضاري والثقافي مع ضرورة الإنفتاح على ثقافات البلدان المتقدمة في العالم، نعم فحلم كل فنان وأديب هو يجد عالمه الخاص به في منفاه، ليكون صدى لوطنه الأم وسفيره الحقيقي، من خلال تقديم منجز أعماله الفنية والأدبية وقبساً من رؤيته الإنسانية لمجمل احداث العالم. ومن ذلك العالم يعبّر الفنان والأديب عن مشاعره و تجاربه وجلاء نظرته الموضوعية الى الحياة.فيبقى الوطن الجمبل والحب ولوعة ذكرياته المعين والمصدر الأساسي في معطم أعمالي الفنية والأدبية رغم إنقطاعي الزمني عنه في منفاي البعيد .                                                                                             

 

 

س: كفنان تشكيلي هل هناك صراعٌ في أعمالك التشكيلية بينَ اللون والضوء أيهما يخترق الآخر وما الذي تريد البوح به عبر لوحاتك؟                                                                                        

                                                                                      

قبل الإجابة على سؤالك أودّ أن أحيلك الى ماهية اللون والضوء وفق تعريف منتدى الفنون التشكيلية ومشرفه الفنان عامر الطلبي، فاللون هوصبغة لونية تبرزهيئة المفردات وتظهرها، والضوء هوتوزيع درجات قاتمة للمفردات الشكلية القريبة عن مصدرالإضاءة*.ولا أرىأن هناك خرقٌ أوتضاد بينهما،لإنّ اللون والضوء في بنية أية لوحة عنصران متممان لها الى جانب أثرهما الفسيولوجي على تقويم رؤية رائي الأعمال الفنية. فعلى الفنان أن يتقن يعي جيداً  خاصية أستخدام كل الألوان أثناء التعامل معه في عمله الفني مع مراعاة نسب التدرجات والتونات اللونية ومديات التجاور والتجانس والتضاده في تشكيل العمل الفني. وكما هو معروف أنّ  للالوان دلالاتها وسماتها ووقعها البصري على منجز اللوحة ورائي اللوحة. فهناك اختلاف في هارمونية خاصة لكل لون في تشكيل فضاء اللوحة خاصية الوان اللون  الغامق هي غير خاصية الألوان الفاتحة والقوية أوالباهتة والباردة وهذه التدرجات اللونية هي من البديهيات المعرفية لدى كل فنان تشكيلي. فأي فنان يمكنه التعبيرعن ثيماته ورؤاه الفلسفية عن طريق التشظي الالوان في اللوحة. وللرد على الشق الأخيرمن سؤالك فأنا وللآن لم أتمكن من البوح عن دواخلي ولا عن أحلامي المبعثرة على بوابات المنفى إلاّ الجزء اليسير منها عبر لوحاتي وأمالي الأدبية المنجزة.

 

س: هل أستمدّتَ روح اللوحة من مدارس فنية عالمية أم من طبيعة وألوان وطنك البعيد ؟                 

              

أستمدُ معظم ثيماتي الأساسية ومنها طبعا معالم أبعادها الروحية والنفسية من وطني الجميل بجباله وأنهاره وشلالاته وصباحياته وأماسيه ولياليه المقمرة، ومن تلك الإيحاءات أصوغ لوحاتي الوليدة ووفق المدرسة الفنية التي تتناسب والتعبيرعنها ، سواء كانت تلك المدرسة واقعية أم  الرمزية أو التجريدية.                 

 

س: لديك النص كشاعر واللوحة فهل نصك الشعري له التأثير على اللوحة أم بالعكس ترسم اللوحة من وحي نصوصك الشعرية؟                                                                                                  

 

هناك متلازمة قوية بين النص واللوحة، فالشاعر يستوحي عالم نصه من موقف ما أو من حالة وجدانية تحفز الشاعر في التعبيرعنها بالشعر، وإذا كان الشاعر ذاته يمتلك موهبة الرسم ربما يترجم تلك الحالة باللون والريشة، واما بالنسبة الى مدى تأثير نصوصي الادبية على أجواء لوحاتي فيمكنني القول ان لها تأثيرها الواضح على فضاء لوحاتي وعلى تخطيطاتي المنجزة، وكما هو معلوم أن أي نص شعري يخلو من الصورالشعرية لا يمكن إعتبار ذلك النص نصاً شعرياً متميزا، والحال تنعكس على اللوحة ايضاً فهناك الكثير من اللوحات الجميلة والمعبّرة بثيماتها المتنوعة قراءتها بالكلمات من قبل النقاد والشعراء الذين لديهم ذائقة أدبية قوية وترجمتها من قبلهم الى نص شعري مؤثراو الى قصة معبّرة ترقى الى مستوى الكتابة الابداعية.فهناك العديد من الفنانين العالميين المبدعين يرسمون لوحات فيضهم الوجداني والفكري من وحي الكلمات أومن وهج اللون التألق.وكذا الحال عند الفنانين المتميزين الذين يمتلكون المقدرة الفنية في قراءة لوحاتهم بالشعر أو النثر المعّبر. وفي كلا الحالتين أرسم اللوحة وفق مزاجي الشعري والنص في ذات مسافة اللوحة أو اقرب منها.       

 

س: ماهي إصداراتك ،وهل أنت راضَ عنها وهل هي كل طموحك في الغربة؟                                 

 

بالنسبة لاصدارتي المطبوعة وهي:خطوات لمنفى الروح ، عبارة عن مجموعة شعرية نشرت في السويد 2001 مطبوعات مؤسسة دراساتكردستانية في اوبسال.رفاتٌ تناجي ملائكة السلام وهي ايضا مجموعة شعرية ننشرت فيالسويد 2002 مطبوعات مؤسسة دراسات كردستانية في اوبسالا.جولات في رحاب الادب والفن والفكر نشرت في اربيل وصدرت عن دار آراس 2008. كتاب يتناول مواضيع وخواطر نقدية في الادب والفكر والفن، الذي كتب مقدمته الاديب والناقد المبدع جلال زنكابادي واتذكر سطوراً من مقدمته الرائعة(ولأن الأديب والفنان حكيم الداوودي من أهل المهجر؛ فقد أولى جل إهتمامه بمشهد ثقافة المهجر العراقي، وخاصة المشهد الكردي، مستقصياً إبداعات المهجريين من الأدباء والباحثين والفنانين عارضاً، ناقداً، مترجماً وسارداً؛ مما يعد توثيقاً مهماً قلّ نظيره لحد الآن...خصوصاً وان في عطاءات مبدعي المهاجر من أدباء وفنانين وباحثين إضافات نوعية إلى كيان الثقافة العراقية المعاصرة).والآن لدي ديوان شعري مخطوط  تحت عنوان -حينٌ من الغربة- على وشك الانتهاء مى لمساته الاخيرة. بالنسبة لرأئي عن اعمالي المنجزة ، لست راض عنها لان طموح كل كاتب او شاعر هو ان يكتب افضل مما طبع وانتج،وهو طموح كل انسان في الحياة يفكر ان يكون غده افضل من امسه،وسبق ان وجهت لي في حوارات سابقة  نفس السؤال او اقرب منه، لا اعتقد سأصل الى ذرى الطموح طالما حياتنا تشهد يوميا المتغيرات والتجديد، لذا أجد نفسي في وسط تلك الدينامية فيخطواتي الاولى كشاعر أو فنان، وطموحي كانسان مغترب عن وطني واحبتي ان اقدم لهم افضل ما لدّي في مجالات  الفن الادب والتواصل  الاجتماعي والثقافي مع الآخرين.

 

س: ما الذي أعطته لك الغربة وما أخذت منها، وهل أوصلت صوت شعبك لمنابرالدولة المضيّفة لك؟                                                                                                 

الغربة أعطتني نوع من الأمان والهدوء ومساحة واسعة لوضع خارطة مستقبلية لاعادة التوازن لبقية العمر. أنا الذي خرجت من رحم الحروب والمأساة والكوارث، كبقية اهل وطني الذين ابتلوا مثلي بتصرفات النظام الدكتاتوري، الذي حوّل ربيع الوطن الى رماد، وارضه الى مقابر جماعية ومعسكرات اعتقال. اخذت منها  معرفة الذات والتعايش والتفاهم مع ثقافات الاخرين في بلد يضم 120 جنسية ولغة ومعتقد دون الغاء كينونة مكون ما على حساب مكّون آخرفي ظل احترام حقوق الانسان.ومن منطلق تلك المواطنة والاحترام تمكنت مع بقية ابناء وطني ايصال صوت شعبي الكوردي وتعريف قضيته العادلة ومأساته الكبيرة ونضاله الطويل الى ذلك المجتمع المتمدن.والمساهمة في الجمعيات والمؤسسات الثقافية والفنية والاجتماعية والسياسية المدنية الفاعلة هناك في نشر قضية وثقافة وفن وتراث شعبي الكوردي. والاتصال ببعض الرموز الثقافية والفنية والسياسية السويدية من اجل فهم ابعاد قضية شعبنا العادلة، ولمسنا والى حد تعاطفا انسانيا كبيرا لقضيتنا واحترامهم لتاريخ شعبنا وبالاخص لرموز حركتنا التحررية البارزاني الخالد الذي بات معروفاً على مستوى العالم وبه عِرف العالم قضية مأساة شعبنا.                                       

 

س: دور الأدباء الكورد والفنانين في المهجر يرتقي الى مستوى المسؤولية؟                                 

                           

نعم وبما ان لكل اديب وفنان رسالة وقضية يحاول عن طريق ادبه وفنه ايصالها الى العالم المتمدن، فالادباء والفنانين الكورد في المهجرليسوا بمعزل عن ادباء وفناني العالم ،بل انهم تمكنوا الى حد بعيد من بابداعاتهم الادبية والفنية اداء جزء كبير من تلك المسؤولية الوطنية، تراهم في حراك ثقافي واجتماعي وتواصل مع بقية الثقافات في بلد المهجر. وكان لهم الدور الكبير في كل المناسبات والكرنفالات التي اقيمت في السويد، واذكر منها ذكرى قصف حلبجة ، والانفال، وذكرى انتفاضة شعبنا في 1991 ، وعيد نوروز، والمناسبات الوطنية الاخرى. مع تبادل الزيارات مع ادباء وفناني  الشعوب الاخرى في  السويد وبقية دول العالم.                                                                                                           

 

س: لمنْ ترسم ولمنْ تكتب ولماذا تكتب؟                                                                               

                                                                             

أرسم لاني احب الحرية والارض والجمال والانسانية، ارسم لانبذ العنف والحروب والظلام، اكتب لشعبي ولوطني أعبّرعن شعوري واحاسيسي الانسانية لهم وللشعوب الاخرى، اكتب لعشق الحياة، اكتب عندما أرى طيرا مغرداَ على غصن شجرة مكللة بالاوراق الملونة، او وجه حبيبتي كل صباح عندما نتبادل معا تحية الوفاء لحبنا العامر. اكتب لكي اجدد ذاكرتي من التفكير بماضي طفولتي المشحونة بالالم والعذاب والخوف العالق بها من قسوة ازلام النظام . اكتب كي اتنفس من جديد هواء الابداع. وايصال وجهة نظري في الحياة لان الشعر والكتابة الرصينة باتت وظيفة اجتماعية وثقافية يجب على الكاتب والشاعرتأديتها بأفضل أداء.                                                                                                                  

 

س: هل تمكن المترجمون الكورد أن يوصلوا صوت بلادهم للآخر؟                                             

 

اذا كان قصدك الترجمة الادبية والفنية نعم هناك مترجمين في المهجر السويدي في مجال ترجمة الكتب الثقافية السياسية والفنية، من منهم ابدعوا في ترجمة عيون الشعر الكوردي الى السويدية والعربية هناك وكذلك في مجال المسرح والقصص والرواية واللغة، فبات المجتمع السويدي وفيهم الثقافات الاخرى على معرفة بثقافة وفنون وآداب الشعب الكوردي بفضل ابداعات ترجمة ابنائه في بلد المهجر.                   

                    

س: ألم تحن الفرصة لعودة هذه الجالية الى الوطن لبنائه؟                                                        

 

هذا السؤال اجد فيه نوع من الاستحالة، ان عودة الجالية برمتها الى الاماكن التي تركوها في ايام النظام المقبور، لا ارى في الافق نية لعودة الجميع، اما العودة على شكل مجاميع وافراد فهناك العديد فضلوا العودة الى الوطن، شوقا الى موطن الآباء ومنهم من عاد لاسباب سياسية اواجتماعية. اما بالنسبة لرأي الشخصي فوجود الجالية الكوردية في الدول الاوروبية اجدها ظاهرة وطنية وحضارية من اجل تعريف العالم بالشعب الكوردي وبنضاله الوطني من اجل الحرية وبناء مستقبله مثل بقية الشعوب. الم اسمع طيله وجودي في بلاد المهجر جالية من الجاليات المقيمة في الدول الاجنبية اعادت الى وطنهم الام حتى بعد استتباب الامن وعودة الاستقرارإليه. وهناك على سبيل المثال جاليات تركية ويونانية وعربية في السويد والمانيا وفرنسا منذ أكثر نصف قرن يتواجدون في تلك البلدان ولم يفكروا بالعودة رغم عدم وجود الحروب في بلدانهم . أرى ان تمتد جسور التواصل وتبادل الزيارات مع توجيه الدعوات للعقول العلمية والنخب الاجتماعية والثقافية للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم الطويلة في تلك البلدان المتقدمة. البناء ليس هو فقط يكون بالعودة بشكل نهائي. فهناك  مساهمة في البناء يكون بالعقل والقلم والخبرة. وعلى المعنيين في إقليم كوردستان الالتفات الى العقول النيرة في بعض الكوادر العلمية والثقافية والاجتماعية والادارية العاملة والمقيمة في دول المهجر، للمساهمة في تفعيل مؤسسات الدولة المدنية.                                  

 

س: المؤسسات الثقافية ودور النشر ووزارة الثقافة في الإقليم ودورها في ربط الأدباء والفنانين بالوطن الأم؟     

 

لا أجد ذلك الإرتباط والإهتمام الكبير من قبل الوزارة والمؤسسات الرسمية المعنية بالثقافةما بين الادباء والفنانين، وان وجدت فهي على مستوى اتصالات او ودعوات  تتسم اكثرها بالعلاقات الشخصية . نعم تقام في كوردستاننا الحبيبة سنويا العديد من المؤتمرات والمهرجانات والمواسم الثقافية والفنية وللاسف يتم توجيه الدعوات الى قسم من الادباء والمثقفين والى بعض الاشخاص الذين لا يمتون الى الادب والفن والثقافة بصلة. وحصر تلك الدعوات المكررة لبعض الاسماء نفسها ،وتكرار حضورهم  في معظم مهرجانات ومواسم محافظات الاقليم، وفي دعوات اتحاد ادباء المركز لادباء الاقليم. والاجدر لوزارة الثقافة كونها الجهة الرسمية والمعنية بشؤون الادباء والمثقفين في داخل الاقليم وخارجه، معالجة تلك الظاهرة وملاحظة تكرار حضور تلك الاسماء المدعوة في كل مهرجان وموسم ثقافي رسمي الذي يقام في كوردستان العراق.                                                                                                         

 

س: كناقد هل تنقد أشعارك ولوحاتك قبل أن تبدأ بالآخرين؟                                                       

                                                      

نعم  بعد الإنتهاء من كتابة نصوصي أو إنجاز لوحاتي القي عليهم نظرة نقدية فاحصة .في أكثرالأحيان لا أكتفي فقط بنظرتي النقدية بلأعرض أكثرأعمالي على بعض أصدقائي القريبين من مواهبي،وًعلى رفيقة دربي التي له اأيضاً الحس الأدبي والفني رغم إختصاصها العلمي كباحثة وأكاديمية في علوم الكومبيوتر والرياضيات. أتقّبل منهم ملاحظاتهم النقدية التي أستفاد منها في إضافة أشياء قد أراها ضرورية في إغناء توجهاتي الفنية والأدبية. فالفنان أو الأديب لايمكنه ملاحظة بعض عيوب أعماله الخفية. فأعرف فنانين وأدباء يستعينون بزملائهم الأقربين لإبداء ملاحظاتهم الموضوعية حول أعمالهم الأدبية والفنيةالمنجزة قبل طبعها أو نشرها في وسائل الإعلام وبالأخص المطبوعة منها.                                                

 

س: هل مارست الترجمة ودور الترجمة عن الكوردية؟                                                            

                                                         

نعم مارست الترجمة من الكوردية الى العربية وبالأخص ترجمة قصائد بعض الشعراء الكورد المتميزين والمعروفين في الساحة الثقافية. قمت بنشرقصائدهم المترجمة في المجلات والصحف الكوردية وفي المواقع الألكترونية.كما كتبتُ ملاحظات وعروض نقدية حول بعض الأعمال الروائية والشعرية الكوردية المهداة لي من قبل مؤلفيهم والتي نشرتها في الصحف والمجلات الكوردية والعربية والمواقع الألكترونية المعروفة بتوجهها الثقافي والأدبي.

 

س: التكنولوجيا دورها في تقريب المهاجر الى وطنه أم تغتال مشاعر وأحاسيس المغترب؟                

             

لا يمكن لأي كان نكران فضل دورالتكنولوجيا في تقريب المهاجر الى وطنه وأحبّته، وعن طريقه تمكن المغترب في أقل من دقيقة إيصال صوته وقضيته وأفكاره بل حتى أحاسيسه الى أسماع العالم. فلولا تلك النعمة لماكان الإنسان المغترب على تماس سريع مع أخبارومستجدات وطنه وأهله، وماكان بإمكانه عمل ذلك التواصل السريع وأن يكون على تماس مباشرمعهم والنشرفي جميع وسائل الإعلام والدوريات الصادرة في داخل وخارج الوطن، بعيداً عن أمزجة الرقيب وبالأخص عند تسمية بعض الاشياء الخافية بمسمياتها، أوالجرأة في النقد والطرح الموضوعي لبعض المتغيرات الثقافية والإجتماعية التي تحملها موجة الحداثة في بعض القضايا الفنية والأدبية التي من شأنها تقويّم رؤيتها التقليدية المناقضة لعصر التمدن والحداثة.وفتح الآفاق المعرفية في الجيل الجديد المعروف اليوم عالميا بجيل الإعلام الألكتروني والتواصل الإجتماعي.في إبداء آرائهم  والتخلص من هيمنة وسائل الاعلام التقليدية. أليست هذه إحدى حسنات التكنولوجيا على عالمنا المتحضر ومن ضمنه عالم المهجر؟. فبإعتقادي الشخصي لا أرى هناك أغتيالاً لًمشاعر المغترب، أو منعه من التفاعل والإندماج مع ثقافات والمجتمعات الأخرى.                    

 

س: الإغتراب عن الوطن!! هل يعني الإغتراب عن الإرتباط الروحي والمشاعر الإنسانية صوب الوطن؟            

 

الأغتراب مفردةٌ صعبةٌ على روح المغترب،وعصية على النسيان. فالاغتراب عن موطن الإجداد، وعن موئل ذكريات الطفولة وشرخ الصبا، وذكريات الوجوهوالأمكنة ومجالس الأحبة، هي أشبه بالموت المعنوي إن لم يكن الموت بعينه ، لولا تلك الظروف القاهرة أيام نظام صدام المقبورالتي دفعتنا الى عالم المهجر لما كنا أبداً نتخلى عن مصاحبة تلك الوجوه والأمكنة، والإبتعاد عن عالم ذكريات موطننا الجميل. ويا للحسرةالموجعة بين فترة وأخرى نسمع ونقرأ أخبار رحيل احبتنا وأصدقاءنا من المثقفين والفنانين والأدباء المبدعين يودعوننا واحدا تلو الآخر، ونحن في غربتنا لا نقدر شيئاً أمام جبروت الأقدار، غيرمرثيتهم والبكاءعليهم بالكلمات وإستذكار مشوارنا الطويل معهم .                                             

 

س: ماذا يعني المكان لدى الأستاذ الداوودي؟ وهل تشتاق للوطن كمكان؟                                      

                                           

كيف لا أشتاق لوطني كوردستان، فالمكان له تأثيره وأرتباطه الروحي عند كل إنسان. وكيف إذا كان ذلك الإنسان بالاضافة الى كينونته الإنسانية أن يكون شاعراً وأديبا وفناناً مرهف الشعور والأحاسيس. فمنذ ولاته ونشأته وهو يحمل بين جنباته جينات الشعر والفن، مع ذائقة بصرية قوية في رؤية كل مواطن الحُسن والجمال ومؤثرات فلسفة وجود الأشياء الجميلة في عوالم وبيئة تلك الأمكنة المشحونة بمؤثرات الألم والأمل. فشوقي وإحساسي الغريزي لذاك الوطن كمكان مقدس لايمكن أن يشهد يوماً ما فتوراً أو إنقطاعا مهما طال أمد الغربة. فتاريخنا القديم والمعاصر مفعم بالكثير من الشواهد الشعرية والفنية لأكابر شعراءنا وكتّابنا العظام في التغزل بالوطن والتعبيرعن شوقهم له كمكان لا يمكن أن يضاهيه أي مكان آخر. ومن مّنا لم  يقرأ في بواكير مطالعاته الثقافية قصيدة الشاعرالخالد بيكه س في حب الوطن ( ئه ى وطن مفتوني تو شيوه تم بيركه ته وه)، أولم يترنم من أعماقه القصيدة المغنّاة (خوايه وطن ئآوا كه ي).                                                                   

 

س: اللوحة، النص الشعري، النقد، أيهما أقرب الى الروح والوجدان والإبداع؟                              

                          

كلها أقرب اليّ روحاً ووجداناً، وفي ظل تلك الثلاثية أجد نفسي وكينونتي في ماضيها وحاضرها ومستقبلها.

 

س: متى ستنتهي رحلة الإغتراب؟                                                                                      

                                                                                               

لا أعتقد ستنتهي رحلة الإغتراب  بمعناها الروحي وإن عادَ المغترب الى الوطن بعد عقود من إبتعاده الجسدي. بعد قضاء شطر من عمره في دول الشتات والغربة، حتماً أنه سيواجة صعوبات جمّة في بادئ عودته ،وسيجد هناك نوع والبون شاسع ما بين أحلامه ،وشرخٌ في جداريات أيام ذكرياته وبين متغيرات طبائعه، وسيلاحظ كم طرأ عليه وعلى أقرانه  الذين إنقطع عنهم خلل تلك السنين من تغيرات اجتماعية ونفسيةكبيرة لايمكنه التأقلم مع ذلك الواقع الجديد في أيام أو في أسابيع معدودة . بإعتقادي إن مشوار الرحلة ستنتهي عندما يجد المغترب مكانه المناسب في الوسط المناسب. تبقى ديمومة الشوق لتلك الوجوه والأمكنة والذكريات عنواناً مضيئاً  وحافزاً  كبيراً لقطع مشوار الغربة اليوم قبل الغد .                        

                                                                                    

الإغتراب وتحقيق حلم العودة؟                                                                                         

                                                                                        

عندما يشعر الأديب أو المثقف المغترب بأن مساحة الحرية والديمقراطية في إتساع وإنفتاح وإنّ الوطن في حاجة ماسة إليه ولخدماته وخبراته في تفعيل مؤسساته الخدمية من أجل رفاهية المواطن الكوردي في ظل الحكومة الكوردية الرشيدة.