Share |

الكرد والانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا2018 ... دلشاد مراد

كثرت التحليلات في الأوساط التركية في الفترة الأخيرة عن دور الصوت الكردي وتأثيره على تحديد الأطراف التي ستخرج فائزة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة في تركيا والتي ستجرى في 24 حزيران القادم بعد أن كانت مقررة في تشرين الثاني من العام القادم.

 

وكان تحالف حزبي العدالة والتنمية بزعامة أردوغان والحركة القومية بزعامة بغجلي وراء عملية تبكير الانتخابات، والهدف من وراء ذلك هو استغلال التوافق والتحالف الناشئ بين الحزبين (التيار الديني والقومي المتطرف) لتنفيذ الخطوات المتبقية لإنهاء المسألة الكردية والمعارضة ومعها الحياة البرلمانية في البلاد (ما تبقى من هامش الحرية في البلاد) ولاسيما تغيير شكل نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي ومنح أردوغان مزيداً من الصلاحيات للاستمرار بتنفيذ المخططات الإبادية في الداخل التركي، والتوسعية والاحتلالية في المنطقة وخاصة في شمال سوريا والعراق.

 

إن المسألة الكردية تعد من أولويات المسائل التي تشغل بال الطبقات الحاكمة في تركيا منذ تأسيس الدولة التركية، لم يكن همهم في حل هذه المسألة، وإنما في كيفية إنهائها واحتواء الشعب الكردي وطمس هويته وثقافته ولغته بكل الوسائل الممكنة في إطار سياسات الدولة التركية الرامية إلى تتريك الشعوب غير التركية، ومحاربة كل الحركات والثورات والانتفاضات التحررية الكردستانية.

 

استبعد الكرد من المشاركة في إدارة البلاد، مع إنهم كانوا شركاء في تأسيس الكيان التركي، ولكن الطبقات القومية التركية الشوفينية انقلبوا على الشراكة الكردية التركية خلال الحرب الذي سمي بالاستقلال في العشرينيات من القرن العشرين. ومنع الكرد من التكلم بلغتهم الأم والتمتع بهويتهم وثقافتهم الخاصة، وكذلك منعوا من تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية وبالتالي همشوا وأبعدوا عن المشاركة بالحياة السياسية ومنها المشاركة في البرلمان والحكومات التركية والمناصب الرفيعة في البلاد، حتى إن تجاوز عتبة العشرة بالمائة لدخول البرلمان كان بغاية عرقلة دخول الكرد إلى البرلمان.

 

كان ممثلو الأحزاب السياسية التركية قبيل إجراء الانتخابات البرلمانية يزورون المناطق الكردية، ويعدون الشعب الكردي بحل قضيتهم ويحثهم على التصويت لهم في الانتخابات، وهكذا كان يتم التلاعب بعواطف الكرد، وبعد الانتخابات يتم تناسي المسالة الكردية، بل كان يتم تصعيد الاجراءات والممارسات العنصرية بحقهم عام بعد آخر.

 

واليوم يتكرر ذلك المشهد، فكل الأطراف التركية المرشحة للانتخابات يتسابق لجذب الكتلة الانتخابية الكردية إلى جانبه، في محاولة لاستغلال الجروح التي أصابت الحركة السياسية الكردية جراء السياسة الإقصائية التي تمارسها سلطات العدالة والتنمية إلى جانب القوميين المتطرفين في كم الأفواه والاعتقالات الجماعية للنخبة السياسية والثقافية الكردية ومن بينهم قيادات الصف الأول لحزب الشعوب الديمقراطي.

 

حتى إن الأحزاب الأربعة للمعارضة (الشعب الجمهوري، الخير، السعادة، الوطن) رفضت ضم حزب الشعوب الديمقراطي إلى تحالفها لدخول الانتخابات البرلمانية، ويعد ذلك تواطؤ مع نهج حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية الحاكمين، في استبعاد الكرد وحركته السياسية من التمتع بحقوقه السياسية المشروعة والمشاركة في إدارة البلاد عموماً من خلال مؤسستي البرلمان والحكومة.

 

ولكن ورغم كل الجهود المبذولة للاستبعاد والتهميش في الحياة السياسية ، فإن الكرد مصرون على الاستمرار في تبني قضيتهم، وما ترشيح حزب الشعوب الديمقراطي لرئيسه المشترك المسجون “صلاح الدين دميرتاس” في انتخابات الرئاسة التركية إلا تأكيدٌ في المضي على هذا الخط والنهج، لتجاوز كل الصعوبات والعراقيل باتجاه حل المسألة الكردية.

 

  صحيفة روناهي/سوريا