Share |

تداعيات ايحائيّة ( لعزاء مسرح ) في زمن الرّمادة…شعر : هفال فندى... قراءة نقدية: مصطفى سليم آكريي

مصطفى سليم آكريي

وتدورالاعوام                                                ..

ولم يزل عزائي وتلك النجوم الهاوية

بأوقاتها العصيبة..

باقية على خشبة ذلك المسرح الحزين

وهذه الأزقة المهجورة 

كل ليله تنثر الورد على نعش هامد

العودة لزمن في قدح ساذج

يشل في جسدي جل أريج العطور

السماء بفصوله ألكهله

يركع للعودة ..

الصمت يغتال جل كلماتي   

والسنوات دوما في مخاض

و المنسيون متشوقون .. بعودتهم

يولد الموت بعد الموت

والإلهة تختم رسالاتها السماوية

إلا أن عزائي..  يوما بعد يوم

تتجدد على خشبة المسرح

و الخطايا تحدق في زواياه

ترقص ثم تنطق بأصواتها الثقيلة

تملا فراغ الكون..

ذلك الكاهن

يبشر لمن يركع له بالخلود

و أنا الذي أتوارى خلف الكواليس

بانتظار العقاب

إن هذا هو المسمار الأخير

الذي يدق نعش ذلك المسرح

العتيق

وستبقى خشبة المسرح

ضريحا جماعيا.. للأحرار .

 

(عزاء مسرح) قصيدة الشاعر(هةظال فندى) تشكل فضاءواسعا من التأمل والتفكير ويقودنا الى عالم أنطوائى واطلال مهجوة ثم يجتبي فراغا سرمديّا ليعيد إليه أنغام الحياة ويمحو من ذاكرته حدث الرّدى بأيقاعات إيحائية في سياق زمني ليتحوّل الواقع الهش الى وجود فعلي ، يستعيد من خلال تجربته الحسيّة جل أحداث الماضي من ذاته الغائبة الى حضوره الأني باستعادة قوته الفاعلة للتحديّ والصراع من أجل هدم المركز المطلق وتحويله الى مركز جماعي يتمتع به هو والاخرألاوهو التنوع والتعدد البشري في مساهمة بناء مجتمع تعددي ،فالشاعر(هفال فندي) أستطاع من خلال خطابه الشعري أن يشكّل لوحة تشكيليّة تسمو على الواقع المباشر ليضيف على النص أعمق صورة شعريّة برموز ودلالات شعرية من خلال أسلوبه اللغوي التجريدي ومن هنا يكمن الابداع  الفنيّ عندما تشير الكلمة في الشعر الى اكثر من معنى ويجبر الاخر الى المشاركة في فهم القصيدة كما يقول...

وتدورالاعوام ..

ولم يزل عزائي وتلك النجوم الهاوية

بأوقاتها العصيبة..

باقية على خشبة ذلك المسرح الحزين

يسرد لنا الشاعر من خلال هذا المقطع الشعري احداثا مثيرة للجدل أي بما انّه يتحدّث عن مسرح الصراع القائم بينه وبين  الاخر المطاق  بمفاهيمه الوهميّة التي تاخذ بيده زمام الامورولن يترك للاخر مجالا للتأمل والتفكيرفي عملية مشاركة الفرد وتفعيل دوره في عمليّة البناء أن هذا الانموذج الشعري يحذو صوب اساليب متنوّعة بارهاصات مستساغة من عالمه االلاوعي الى عالم محسوس .

 

ان هذه المنظومة الشعريةتشكّلت وفق قياسات زمنية متعددة يحاول من خلالها استرجاع الابعاد الزمانية بتواصل فكري مع مكان الحدث ليضيف على مناخ القصيدة أعمق صورة شعرية يلهم الاخر ايحاات مأسويّة في فضاء لامتناهي   يحرك نجوم السماء من توازنها المطلقة الى أختلال نسبي ليولد الحياة في مخاض جديد وكما ان صورة التداعي الحر في القصيدة توحي الاحاسيس البشرية للمشاركة في بناء تنوع بشري قائم على اساس على العدالة والاعتراف بالاخر فالشاعر(هفال فندي) يصوّر المناخ التشكيلي في ذهن الانسان بخواطر لا محسوسة يتفوّق على الادراك الحسي بمفاهيم أفتراضيّة وينعت فضاء الواقع بانتقاء جوهري و باسلوب تجريدي من حيث اللغة والتراكيب الشعرية، حاول الشاعرمن خلال قصيدته وجملها التراكمية استرجاع المركز البؤري للحدت  وربطها بالحاضر بدقة تعبيره في الخطاب الشعري من المجرّد الى المحسوس،كم يقول..

كل ليله تنثر الورد على نعش هامد ...

العودة لزمن في قدح ساذج ..

يشل في جسدي جل أريج العطور

أن هذه التداعيات الايحائيّة تعم جميع اجزاء القصيدة أمالفعل الاجرائي لم تتحقق في القصيدة بعد والسبب هو غياب الانا وهيمنة الموضوعيّة على الذاتية الفاعلة الاّ بصورة ضمنيّة لانّ الزمن الضائع باعتقاد الشاعر آذر  لنا  أيقاعات  صوريّة تدور في مخيلة الانسان بحيث يقودنا الى العالم المحسوس وبرؤى جوهرية يحرّك الشعور الانساني نحو أبعاد فكريةمن ديمومة الحياة الى الرّمادة النسبية، أن هذا التنوع الايقاعي في  القضيدة  يلهم  للاخر المناخ  المتعي من المجرد الى المحسوس وفق معايير جماليّة متنوعة، أن غياب الانا في النص وأغترابه يتمظهر صورته المنفصل عن الموضوعيّة بدلالة زمنية تحبط الفعل من تحقيق اجرائه عندما يستنجد بالماضي ليتحقق الفعل في المستقبل دون اخذ الاعتبار بالمفارقة والبعد الزمني بل أنما احباط  ضمني للانا الغائبه كما يقول...

الصمت يغتال جل كلماتي

والسنوات دوما في مخاض

والمنسيّون متشوّقون بعودتهم

الصمت يعني أنسحاب ضمني للانا أمام التحديات ، فالشاعر هنا يصوّر الواقع باحكام مطلقة وقوانين عرفية سارية لا تقبل التعدد الفكري ومشاركة الاخرفي بناء تنوع ايقاعيّ انساني من حيث الصيرورة والحركة في الحياة بل انما تتفرّد الهيئة الفاعلة المهيمنة في تقرير مصير الانسان دون اخذ الاعتبا رللفرد من هنا يظهر العلاقة المتازّمة بين الذات والموضوع عندما يقول..

والالهة تختم رسالاتهم السماويّة...

أي بما أن الاخر والفئة الفاعلة المهيمنة يجزمون الاوامر دون استبيان المنطق  سلبا اوايجابا ألاأن أرتباط الذات الغائبة بالموضوع يحذو من مركزه اللاوعي  الى حيز الوجود الزمني وهو في تصدّي مباشر مع الاخر دون ان يستسلم للواقع عندما يقول...

وستبقى خشبة المسرح

ضريحا جماعيا.. للأحرار ....

 

شاعر وناقد ادبي

عضو اتحاد ادباء الكورد – دهوك