Share |

تركيا وخيار الحرب مجدداً…هوزان أمين- دياربكر

 

 

بعد عامين من اعلان وقف اطلاق النار من جانب حزب العمال الكوردستاني وسحب قواته العسكرية المقاتلة منشمال كوردستان الى جنوبه وبدأ عملية السلام بين أنقرة وحزب العمال الكوردستاني وبدأ المفاوضات بين الجانبين وبعد صراع طويل ناهز الثلاث عقود 

ذهب  ضحيتها اكثر من أربعون ألف قتيل وكلفت الدولة التركية مليارات الدولارات ايقنت مؤخراً انه لا خيار امامهم سوى بفتح صفحة جديدة مع الاكراء والاعتراف بالهوية الكوردية وبدء عملية السلام مع الاكراد في محاولة منها لكسب الرأي العام العالمي وتحسين سجلها في مجال حقوق الانسان وقتح المجال اكثر امام حرية الرأي والتعبير وارضاء لاوربا التي تحلم تركيا بدخول اتحادها وعدة عوامل اخرى ربما ساعدت على تبني موقف جديد من الاكراد وفتح صفحة جديدة قد تكون ملامحا مبهمة للوهلة الاولى إلا انها كانت بوادر من الدولة التركية بتغير سياستها من سياسة قمعية وعدائية ضد الاكراد الى سياسة الانفتاح و الاعتراف بحقوقهم السياسيةوإعطائهم حرية في التحدث بلغتهم وفتح قناة رسمية كوردية واشارات أخرى ربما كانت بداية لتقبل البعض ووضع بعض الشروط لبدء المفاوضات وايجاد وسيلة لاحلال السلام .

ولاجل ان تكون النوايا صافية أطلق زعيم حزب العمال الكوردستاني عبدالله اوجلان المعتقل منذ اكثر من خمسة عشرة عاماً من معتقله في جزيرة أمرالي في نوروز دياربكر عام 2013 ببدء الحملة السياسية وعقد ودعوة قواته المتواجدة في قنديل بإصدار قرار الانسحاب خارج اراضي شمال كوردستان ( تركيا) وعقد مؤتمر استثنائي لمناقشة السبل الممكنة لاجل احلال السلام والاتفاق مع تركيا وخضعت قيادة قواته المتواجدة على قمم جبل قنديل في كوردستان العراق للامر وإصدرت امر الانسحاب وبدء مرحلة جديدة بدأت بموجبها الوحدات العسكرية الكوردية لحزب العمال الكوردستاني بالانسحاب والتمركز داخل اراضي كودستان العراق إيذاناً ببدء مرحلة سياسية جديدة بين الاكراد وتركيا.

على مدى عامين لم تبدوا في الافق اي نوايا حسنة من الجانب التركي وبقيت متمسكة بمقولة القاء السلاح ثم المفاوضات وبالطبع يعتبر هذا الشرط تعجيزياً بالنسبة لقوات الحماية الشعبية التي تعتبر سلاحها شرفها وضمانه لاحلال السلام ونيل الحقوق، ولم تدم اجواء الهدوء والتفائل طويلاً وبقيت التهم والحجج وتبادل تشويه البعض والاحلال بالقرار وعدم الجدية بادية من الطرف التركي حيث بقيت الاجواء العسكرية والتحضيرات للهجمات وبناء المخافر والتمشيطات المحدودة ولستمرار الاعتقالات بالاضافة الى ان الجانب التركي ايضاً كان يتحجج بوجود قوات الحماية الشعبية المعروفة بـ (HPG) داخل الاراضي شمال كوردستان وعدم انسحابهم ويطالبهم بإلقاء السلاح نهائياً لبدء مفاوضات السلام، وما تصريحات رئيس الجمهورية التركية رجب طيب اردوغان وتكراه مراراً هذه الجملة ( لا سلام مع حزب العمال الكردستاني دون إلقاء السلاح) إلا ان حزب العمال الكوردستاني يأبى القاء سلاحه.

الى ان تصدرت مجدداً خبر بدء حملة عسكرية جوية تركية على معاقل ومعسكرات حزب العمال الكوردستاني داخل اراضي كوردستان العراق وبدأت الطائرات الحربية التركية تدك مواقع حزب العمال الكوردستاني التي كانت في جاهزية لتقبل الامر وقد افرغت العديد من مواقعها وغيرت من اماكن تواجدها في الكثير من المواقع المعروفة بالنسبة لتركية، ورغم ذلك نتج عن القصف استشهاد عدد من مقاتلي الكوردستاني في حين أعلنت تركيا ان هذه اللحملة العسكرية الجوية التركية كبدت حزب العمال الكوردستاني خسائر فادحة بلغت قرابة 200 من بينهم قيادات كبار، هذا واستمرت الحملة العسكرية الجوية الى ان قصفت قرية زركلة وهي احدى قرى جبال قنديل التابعة لقضاء رواندوز والقريبة من مواقع حزب العمال الكوردستاني ذهب ضحيتها تسعة مدنيين عزل كانوا نائمين في بيوتهم عندما قصفتهم الطائرات التركية في ساعات الصباح الاولى، وقد تم شجب هذا العمل الاجرامي من قبل حكومة اقليم كوردستان والتنديد به مشدداً في بيانه ان تسود لغة الحوار والمفاواضات بدل لغة الحروب التي لن تفيد احداً.

هذا ان دل على شيء انما يدل على نوايا تركيا الخبيثة في ضرب الكورد في كل مكان ورد فعل منهم على تقدم قوات الحماية الكوردية في كوردستان روزآفا ووقف الحملة العسكرية القوية التي بدأتها القواة الكوردية في سبيل توحيد إداراة كونتونات غرب كوردستان وما محاولات بناء منطقة عازلة في منطقة جرابلس لاجل عدم توحيد إدارتي كانتون كوباني وعفرين مفضلة في الوقت نفسه جيرة داعش على جيرة الاكراد، ومساوات داعش مع الاكراد والكثير من الادعاءات الاخرى.

يأتي كل هذا بعد التفجير الإرهابي الذي طال شباب جمعية الشباب الاشتراكي بعد توجه اكثر من 300 شاب وفتاة من اسطنبول أغلبهم طلاب جامعات الى مدينة برسوس ( سروج) الحدودية الموازية لـ كوباني وأخذهم مساعدات والعاب لدعم أهالي مدينة كوباني وتشجيعهم على البناء، ذهب ضحية تلك العملية الاجرامية التي ثبت ان انتحاري من داعش قد فجر نفسه بين الشباب اثناء القائهم كلمة في مقر جمعية (آمارا) التابعة لحزب الشعوب الديمقارطي قبل التوجه الى كوباني للمساهمة في حملة إعادة اعمار كوباني هذه العملية شكل نقطة البداية للانفجار وعدم ضبط النفس من قبل الاكراد مقابل سياسة الرئيس التركي أردوغان وسياسة حزب العدالة والتمنية وامام هول هذه الجريمة البشعة التي ذهب ضحيتها 33 شاباً وفتاة من الفئة المثقفة والواعية والتي كان لهم مستقبلاً باهراً ادت الى حالة من الهيجان في الشارع الكوردي في تركيا وخارجها نتجت عنه مقتل العديد من قوى الشرطة والجيش التركي ثم تلاه هجمات لقوات الدفاع الشعبي الكوردستانيHPG لبعض الاماكن وخروج الناس في تظاهرات بالمدن الكبرى ادت بالدولة التركية الى اعلان الحرب على حزب العمال الكوردستاني تزامناً اشتباك محدود مع داعش على الحدود السورية واتفاقها مع امريكا بشأن ضرب داعش وامكانية فتح المجال لطائرات التحالف الدولي باستخدام قاعدة انجرلغ الجوية في اضنة لضرب المجموعات الارهابية في سوريا مع اشتراط تركيا ضرب القوات الحكومية السورية ايضاً وهذا ما يشكل نقاط الخلاف مع امريكا وحلفائها.

مع كل ذلك لم تتوقف تركيا عن حملتها ضد الكورد من قصف على مواقع عسكرية ومدنية في كوردستان العراق الى منع الحكومة للكثير من النشاطات الديمقراطية وحجب المواقع الكوردية و شبكة الإنترنت في محافظات شمال كوردستان ومواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، الى حملة اعلامية مرئية ومكتوبة بإرهاب الاكراد واحزابهم خاصة بعد تبني حزب العمال الكوردستاني لمقتل عدة افراد من الشرطة و الجنود الاترك، و إعلان الطرفين انتهاء مفاوضات السلام.

كل هذا ليس إلا سيناريو قديم جديد يتكرر، ليخفي حزب العدالة والتنمية فشله في الانتخابات النيابية الاخيرة وعدم تحقيق تطور في تشكيل حكومة ائتلاف وطني وفشل المساعي في ذلك وبدء نفاذ الوقت المحدد لذلك وهو 45 يوماً ليعلن اعادة الانتخابات تيقناً من حزب العدالة والتمنية بأنها ستكسب المقاعد التي خسرتها وتعود مستفردة في الحكم من جديد بعد 12 عشرة عاماً من الحكم لوحده.

في حين تدعوا القوى الكوردستانية الكبرى وعلى رأسها الحزب الديمقراطي الكوردستاني وقوى كوردستانية أخرى في شمال كوردستان الى نبذ سياسة العنف والعودة الى المفاوضات مؤكدة على رفض الكورد استمرار القتل والحرب من أي طرف كان، وضرورة العودة إلى طاولة الحوار برعاية و حضور أطراف خارجية، و الكف عن هذه العمليات العسكرية لانها لا تخدم مصلحة الشعبين الكوردي والتركي ولن تزيد الامور سوى تعقيداً وستعود الايام السوداء والقتل اليومي وليس من مصلحة الطرفين افشال عملية السلام.

التآخي-العدد والتاريخ: 6944 ، 2015-08-05