Share |

رُعْبُ وَحُلْم شعر: آزاد مصطفى… ترجمة: شَمال آكريي

آزاد مصطفى

 

 

من الشعر الكوردي الحديث

 

 

كانَ أوانَ اِستِراحَتي

لَيسَ فَقَط هَمُّ وَحيدْ..

بَلْ هُمومْ لا حَصرَ لَها

أَرهَقْتْ عَينايَ،

بإيعازِ لا مُبَرِرَ لَهُ

غَدَت أَحلاما.

الرِّقادُ كانَ يَتَلَصَّصُ عَلى الصَّمتِ والعَتْمَةِ

وفي ظِلِّ رَحمَةِ الله كانَ يُواريني،

بَيْدَ اَنَّه كانَ وَجـِلا مِن الأَحياءِ المَيّتين

وَسُطوع النِّبراسْ

في عَسرَة تـَعقيداتِ بـَحرِهِ

كانَ يَتَجَرَّعُ العِلَل.

حينَئِذِِ..

تُوصَد الفِكْر والوِجدانُ أبوابَها

وَتودِعَ اليَومَ وَتَنامُ

تـُسافِرَ صَوبَ سَماءِ خالِ مِنْ الأنْجُمِ

فَتـَغدو بُخارا

تـُخـَمـِّشُ أجسادا حَيـَّة

فَيَلـْتَهِمُ الفَجْرَ وَالعَصافير التَّحايا،

ما يَزالُ اللَّيلُ في سُباتِ عَميق

وَأغرَقَ البَحـْرُ مَسرَحِيَّة ( أَينَ حَقّي)

وَصَفَقَت لَهُ أمْواجـُهُ

وأَنا كُنتُ مُنْدَهِشا لا حَولَ لي وَلا قـُوَّة،

كانَتْ الأشجارُ بَراعِمَها تـَتـَفـَتـَّحُ وَتُورِقُ قَبلَ أوانِها

وَتـَغـْدو أَشـباحا وَعَفاريت

وَالبِحارُ كانَت لـَها أَعـْوانا

وَذلِكُمُ المَلْعَبُ الذي كانَ الأطفالُ فيهِ

يَلعَبونَ لُعبَةَ الاِخْتِفاء

كانَت مَفروشَة بِبِساط أَسْوَد..

الحيتانُ تُقيمُ عَليها حَفلُ زِفافَها

وَصَرَخاتي كانَت تُرعِبُ دَعَواتَ النـِّيران

وَكانَت هَباء

كانَ التـَضَرُّع للجَوعِ

في أَيْدي يُلَمْلِمُ نَفسَهُ

وَبحِمى النـُّعاس يَتَقيـَّدُ

وَكُنْتُ خالِيَ الوِفاضْ من التـَّساؤُلاتِ

وَضِحـْكَةُ تِلـْكُمُ السـّاعَةِ المُتـَمَرِّدَةِ

وَالطـِّفْلَ الرَّضيع

كانَ شَعْرُ رَأسي يَشيبَ مِن فـَعـْلـِهِما

وَلَم تَنطـَلِق صَيـْحاتُ من سارِقةِ قـَلبي

بَل كانـَت خَلـْفَ نافِذة غُرفَتي

تَجـْمَعُ الثـَّلْجَ وَتَزرَع فيها أَنامِلي

وَتَبيعُ مِنها تـَماثيلي

وَكُنتُ عاجِزا

عَن إِسكاتِ طِفلي الرَّضيع

وَطارَت منـّي قـُدُراتي

وَمَكَثَتُ مُرعِبا

كانَ الحُلمُ يُغيـِّرُ بِاستِمرار جِلْدَتَهُ

بِنَظرات مُفاجِئة

كانَ مُتعبِد يَلتَقِطُ أَمْواجَ النـّار

وَيَضيعها في جَسَدهِ.

مَكَثتُ في الرُّعْبِ

وَعَتـَّمَ المِصباحُ غُرفَتي

وَبالكادِ يُحارِبُ شَراراتَ القَمَر

كُنتُ حائِرا وَالهَواءُ كانَ يَحصُرُني

في قُفلِ بابِ الغُرفَة

ويأخُذُني إلى حُفلِ الأغنياء

رَأيتُ إِمرأة عارية

كانَت في كَأسِ الجُورِ تَرقُص

بِكلِّ حُرية كانَت تَدخُلُ الدولاراتِ

بَينَ حَمـّالَة صَدرِها

كانَ مَنظرا مُباغِتا

وَشَبابَ مَدينَتي

عَلى الشوارعِ

في الأزقـَّةِ الضَيـِّقَة وَالمُظْلِمَةِ

كانوا يَبْلَعونَ ريقَهُم

وَيَخفونَ عُلبَ الجـِعـَّة بَينَ أَفخاذِهِم

يَخْجَلونَ مِن أَضوية السـَّياراتِ

كَأنـَّهُم آثمونَ بِالزِّنا وَعبادَة الأَوْثانِ

وَأنا ما زِلتُ في الرُّعْبِ أَتَمَرَّغُ

لَيْلَةَ أَمْس

الأُستاذُ كانَ ضَيفا عَلى الأُستاذِ الآخَرِ

مَعَ كَأسِ الويسكي

كُلَّ لَيْلَةِ في ذاكَ القَصْرِ

كانوا يَلعَبونَ لُعبَة الاخْتِفاءِ

وَيُخَبـِّئونَ أَنفُسَهُم

في صَدَفاتِ الصـَّبايا

أَحَدُهم يَقولُ شَيئا

وَالآخَرُ يُرَدِدُ

مِمَّ وَلِمَ تَخافُ

مِمَّ وَلِمَ تَخْجَلُ

فَهذا عَصْرُ جَديدُ

عَقْل الألفيَّة الثالِثَة

زَمَنُ العَوْلَمَة وَالكومبيوتَر وَالإنترنيت

سَيَسْتَنْسِخونَني وَأنْتَ

وَيَلْصِقونَنا؟.

ما هذا الضـَّوء في جُعْبَتِك

دُخانُها غَدا بَصْمَة سَوْداء

عَلى كَتِفِ ثـَوْبِ كادِح

وَأنا ما زِلْتُ في الرُّعْبِ أَتَمَرَّغُ

وَأسْماكَ القِرشِ في ايجَةَ

عَكّّرَت أَنهارَنا

وَالمَساجينُ المُنتَظرين

ما فَتِئوا يُمَيـِّزونَ

رَسائِل الّذينَ مِن النَّومِ هَرَبوا

ما بَرِحوا يَسْتَقبِلونَ

أَسْئِلَتي الّتي لَيسَت لَها رُدودْ

وَصَبْيَةُ تَتَسابَق في بَيعِ جَسَدِها

وَتَشْكو مِن حَظـِّها العَسِر

تَقولُ: لِمَ لا يَأتي لِخِطْبَتي

أبنَ بَلدَتي الّذي تَأَوْرَبَ حَديثا

فَاَنا لَن أَتـَّخِذَ غَيرَهُ بَعـْلا

سائِقَ سَيـّارةِ الأُجرَةِ

لا يَروقُني

فَلْتَبقى الجِّبالُ شامِخَة

وَتُغَنـّي القَبَج عَليها دَوما.

كانَ هَناكَ

مَجنونُ عالِمُ

يَضْحَكُ عَليه عَالِم مَجنونْ وَيقولَ له:

المالُ سيِّدُ الحَياة

وَمِن تَحتِ السِّتارِ كانَ يَهْمِسُ

في أُذُنِهِ حُلْمَهُ.

أَغْمَضَ عَيناهُ وَ نامَ

لكـِنـّي لا أَعْرِفُ

أََنائِم أَنا أَم صاحِ

رَجائي أَن لا تَضْحـَكوا عَلـيَّ.

 

 

 

 

 

جريدة التآخي