Share |

فيلم "أبناء ديار بكر" أبكى الحضور في مهرجان دبي السينمائي السادس

مؤسسة سما كورد تكريم المخرج ميزار بيراز

 

 فائق اليوسف –دبي/سما كورد:أطفال صغار مشردون يعتاشون من أكل القمامة، وينامون في الأزقة والجبال وفي بيوتٍ مهجورة، دمرتها آلة القمع العسكري في تركيا، كما دمّرت قرى بأكملها، وأحرقتها فوق رؤوس أهلها وهم في سبات عميق.

مشاهد الفيلم الذي حظي بإعجاب منقطع النظير من قبل جمهوره في الصالة رقم 9 في "مول الامارات"، حيث اكتظت الصالة بالحضور، لم تبدأ هنا.

وإنما تبدأ في سرد قصة أسرة مؤلفة من الأب والأم و3  أطفال "طفلة صغيرة، وطفل، وطفلة رضيعة"، ينعمون برغد الحياة، تلقوا دعوة من الأقارب لحضور حفلة عرس في إحدى القرى، وفور انتهاء الحفلة سلكوا طريق العودة المؤدي إلى –آمد- "ديار بكر".

في إحدى طرق العودة، اعترض سبيلهم 3 ضباط من إحدى العصابات الأمنية المنظمة، مدّعين أنهم من شرطة المرور. سألوا الوالد عن رخصة القيادة، وطلبوا منه فحص عجلات السيارة، واستغلوا الفرصة بإطلاق رصاصة غادرة استقرت في رأسه من الخلف" ليسقط أرضاً"، وتوجيه رصاصة أخرى إلى الزوجة، التي توفيت على أثرها مباشرة.

هذا المشهد المريب أدخل الرعب في نفس الطفلين، ما شلّ حركتهم واستيعابهم لما يجري حولهم، بينما صراخ الرضيعة يعلوا دون أن يلاقى أذناً صاغية لها.

شحّ ما دخروه من مصروفٍ خصصته لهم خالتهم الذي بالكاد يكفي ليومين أوثلاث، وذلك ما اضطرهم لاحقاً لبيع أساس البيت شيئاً فشيئاً إلى أن تفرّغ البيت تماماً، ولم يتبقى لهم مايملكونه  سوى بعض الكتب المدرسية وغطاء، وبعض الألبسة التي تغطي جسدهم، في الوقت الذي كانت فيه الطفلة حملت على عاتقها تحمل مسؤولية أخوتها.

رمى مالك البيت "الطوراني الأصل" بقايا أغراضهم في الشارع متذرعاً بحجة أنهم لم يدفعوا آجار البيت لثلاثة أشهر، وإن خالتهم لم توف بميعاد الدفع، كان ذلك بينما هم يعودون أدراجهم قاصدين الراحة من المقبرة بعيد دفن الرضيعة التي توفيت بسبب عدم توافر مبلغ قدره 6 ملايين ونصف ليرة تركية، أي ما يعادل  150 ليرة سورية "علماً المليون ليرة تركية تعادل حوالي 30 ليرة سورية"، فيما لم يكن في حوزتهم سوى 8ملايين ونصف المليون ليرة تركية، والتي لم تغطي نفقات شراء علبة دواء للرضيعة، نظراً لأنّ قيمة علبة الدواء يقدر بـ 15 مليوناً.

الوالد كان مهتماً في حياته بالسياسة، وكذلك خالة الأطفال، وهي فتاة شابة اهتمت بهم لاحقاً، ووعدتهم بالسفر الى جدهم في السويد، قبل أن تغادر دونما عودة، لتلاقي حتفها مع زميل آخر لها على يد الضابط "نوري كايا" –منفذ الجريمة السابقة نفسه- سبقها فترة سجن وتعذيب بعيد عن الإنسانية.

رميت الجثتين في ظلمة الليل الحالكة في إحدى السهول المغطاة بقمامة متراكمة قرب الجبل، وليتعرف عليهم الطفل "ابن اختها" الذي كان مشغولاً في أمسية موسيقية تجمعه مع مشرّدين من أمثاله، ضحاة القرى المحروقة والمنكوبة، ممن يمتهنون السرقة والشحادة المعلبة.

بعيداً عن الأزمة التي تخلقها السيارات والمارة، قصد الطفلان الحديقة لتناول سندويشات اشتروها كي تسعف جوعهم، وتسد رمقهم، بعد جهد يوم عملٍ طويل، اقتربت منهم فتاة وطلبت منهم نشر قصاصات ورق لقاء دفع أتعابهم، مكتوب فيها (فتاة للتعارف "ديلانا").

فور انتهائهم من  المهمة عادوا ليتفاجؤوا باختفاء ديلانا، إلا أن القدر شاء أن تلتقيها الفتاة الصغيرة صدفة  في أحد الأسواق مع والدتها، اتفقا على اللقاء عصراً في الحديقة، فيما تتبعت الصغيرة أثرهم، وإكتشفت إن ما كانت تقوم به هو لتتمكن من  تأمين لقمة العيش لها ولأسرتها "والسبب هو الفساد الساري والظلم المتبع بحق الكورد في تركيا"، فأصفحت عنها وأعادت إليها جزء من أتعابها واستمرت معها في النشر والخروج لمشاويرها الخاصة، حيث تنتظرها في الأسفل أو خارج المكان.

ذات مرة جمعها القدر مع قاتل والديها، الذي جاء ليصاحب الكبيرة الى المنزل.

أثناء ذلك قامت بسرقة مسدسه وصورة له، قامت هي وباقي الأطفال المشردين بفضحه في الحي وفي  البناية بكتابة "قاتل في هذه البناية، نوري كايا" وتدوين تفاصيل عنه، ومن ثم النداء في مأذنة الجامع، وذكر اسماء والدي الطفلين.

إثر ذلك أصيب الضابط بصدمة، خرج مهرولاً-مسرعاً إلى الشارع والجيران يلم كل الأوراق التي كانت بحوزة المارة وقاطني الحي، والتي لم تكن لها نهاية..

لم يتوقف الحد بهم هنا بل أرسلوا نسخة من هذه الأوراق مرفقاً بمسدس الضابط ومعلوماتٍ عنه إلى المكتب الإعلامي للثوار، بعد أن دلهم أحد الأطفال إلى عنوان مقر المكتب الإعلامي بموجب العلاقة التي كانت تربط والده بالمكتب..

نهاية الفيلم قصد الأطفال اسطانبول بغية العمل، بناء على وعدٍ  أطلقه أحد الغرباء، وساروا صوب مصيرٍ مجهول دون أن نعلم أين سيحل بهم الرحال، وأي مصيرٍ سيلقوه؟

علماً تخلل الفيلم أغنيات وموسيقات معبرة جداً، أذهلت المعنيين من الحضور ومن إدارة المهرجان

 

 

 

أخيراً، قامت مؤسسة سما كورد بتكريم المخرج ميزار بيراز، ليفاجئنا بأنه لايجيد الكوردية، وإنما فقط الإنكليزية، وبالرغم من ذلك ظلّ قريب جداً من مآسي أبناء جلدته.

 

fayq87@gmail.com

 

هامش: ولمن فاته العرض الأول، يمكنه الحضور اليوم الأربعاء 16 ديسمبر، في تمام الساعة السابعة مساءً، في الصالة رقم 7، ضمن مول الإمارات في دبي.

 

16 كانون الأول, 2009 03:28:00