Share |

في الذكرى الاربعين لرحيل المناضل نوري ديرسمي… هوزان أمين

نوري ديرسمي

قبل أيام وتحديداً في الـ22 من شهر آب مرت الذكرى الاربعين على رحيل الدكتور نوري ديرسمي، احد قائدة اول انتفاضة كوردية عام 1921 ضد ظلم وطغيان الدولة التركية الحديثة التي كانت تتشكل آنذاك والمعروفة بثورة ( قوجكيري)، كما كان له بصمات واضحة في ثورة ديرسم التي قادها السيد رضا عام 1937،

وهو الشاهد على مجازر الاتراك بحق ابناء الشعب الكوردي والتي فقد فيها ابناءه واخوته في تلك الثورة، فالمجازر التي اقترفت بحق الشعب الكوردي هناك تعتبر بمثابة وصمة عار على جبين الانسانية نظراً للوحشية التي مورست على الشعب الكوردي آنذاك ونظراً لوحشيتها وفظاعتها والتي فاقت الحدود والاعراف الدولية، قام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بالاعتذار الى الشعب الكوردي العام الفائت، كدليل على حسن النوايا وفتح صفحة جديدة بينهم وبين الشعب الكوردي بعد المحاولات الجادة من الطرف الكوردي بإيجاد حل سلمي وديمقراطي للقضية الكوردية في تركيا.

قام نوري ديرسمي في منفاه بمدينة حلب السورية بتأليف كتاب عن تلك الثورة سماها ( ديرسم في تاريخ كوردستان)، ووثق كل تلك الجرائم والويلات والممارسات التي اتبعت في قمع انتفاضة ديرسم والتي انتهت بإعدام قائدها سيد رضا، يتطلب معرفة نوري ديرسمي عن كثب وكذلك معرفة مدى التضحية التي قدمها لابناء شعبه، حيث ضحى بالغالي والنفيس في سبيل تحرير شعبه من الظلم، ومحاولاته الحثيثة في سبيل توحيد الصف الكوردي واقناع العشائر والقبائل الكوردية آنذلك في سبيل الانضمام الى انتفاضة ديرسم، ولا سيما اليوم نحن على ابواب انعقاد المؤتمر القومي الكوردي والذي من المقرر ان يعقد في عاصمة اقليم كوردستان في الـ15 من شهر ايلول هذا العام.

فقد كانت محاولات ديرسمي من اجل الوحدة القومية الكوردية، بعد التجزئة والتفرقة التي حلت بالامة الكوردية جغرافياً اثر اتفاقيات دولية على تقسيم كوردستان واهمها اتفاقية سايكس بيكو عام 1916، وهو احد القادة الكورد الذين كتبوا التاريخ الكوردي وعمل في الصفوف الاولى وناضل وافنى حياته من اجل شعبهفي شمال كوردستان، مثل الشيخ سعيد بيران (1925) قائد ثورة دياربكر، احسان نوري باشا(1930) في آكري، و سيد رضا(1937) في ديرسم...الخ.

ولد الدكتور محمد نوري ديرسمي في اذار 1894 في قرية آخزونيك التابعة لولاية ديرسم، أبوه إبراهيم، وأمه زليخة، ينتمي إلى عشيرة ملان، فقد أمه وهو صغيراً، رباه عمه بعد ذلك، درس الابتدائية في بلدة خوزات، ثم هاجر مع والده إلى خاربوط وتابع دراسته الإعدادية في مدارسها، بدأ بممارسة السياسة وهو شاباً، حيث قام بتأسيس إتحاد طلبة كوردستان مع بعض زملائه واستمرت حتى المرحلة الثانوية.

دخل كلية الطب البيطري عام 1911 حينما هاجر مع والده الى اسطنبول، طور من علاقاته مع العمال والفنانين واستمر بالعمل السياسي، انتسب الى جمعية هيفي وأصبح عضواً ناشطاً فيها، وأسس مع مجموعة من رفاقه جمعية ” عاشقي كردستان”، وبعد الحرب العالمية الأولى 1914 ارسلته الدولة التركية الى اذربيجان كمسؤول عسكري، لكن الدولة التركية عزلته نتيجة تواصله مع الشعب الكوردي، وبعدها نفته الى منطقة” كيره سون” على البحر الاسود، وفي عام 1921 اصدرت الدولة التركية حكم الاعدام بحقه، فلجأ الى ديرسم، وقام برفقة علي شير بتنظيم والتحضيرلانتفاضة كوجكيري والتي بدأت في 6-آذار-1921 وانتهت بمجازر مروعة، وبعدها كلفه سيد رضا بتوحيد العشائر الكوردية وتوعية الشعب تحضيراً للانتفاضة، بالاضافة الى تكليفه بمهمة عقد العلاقات مع القوى الخارجية، اصدرت الدولة التركية عفواً باستثناء سيد رضا ونوري ديرسمي، فأضطر ديرسمي للفرار الى سوريا وبعدها الى اردن ومن ثم عاد الى مدينة حلب من جديد وسكن في حي “محطة بغداد” عام 1940.

في حلب لم يتوقف عن النضال وواظب على الكتابة والتأليف وكتب مذكراته في كتاب سماه (ديرسم في تاريخ كوردستان)وطبع في حلب عام 1952 واصبح عضواً قيادياً في الحزب الديمقراطي الكوردي السوري عندما تأسس عام  1957 كأول حزب سياسي كوردي يتأسس في سوريا، واستمر بالكفاح والنضال واصبح منزله مقراً للمثقفون والادباء الكورد حتى قرروا هناك  "تأسيس جمعية المعرفة والتعاون الكوردي" وذلك عام 1956 واعضائها المؤسسين هم الدكتور محمد نوري الديرسمي، وروشن بدرخان، حسن هشيار، عثمان افندي، حيدر حيدر ومن اهداف الجمعية تطوير اللغة وأداب وتاريخ الكورد وتعريفها بالعالم، ومع هذا فانها قدمت جهودا مميزة في مجال الثقافة والادب الكورديين وقامت بطبع عدة كتب فضلا عن نشر المقالات والبحوث عن تاريخ الكورد وكوردستان في الصحف الناطقة باللغة العربية، في يوم 22-آب-1973 و عن عمر يناهز 81 عاما رحل دون ان يرى منطقته التي طالما حالما بالعودة اليها ديرسم، وقد اوصى بأن يدفن في مقبرة زيارة حنان القريبة من عفرين في قبر أعده بنفسه له ولزوجته منذ عام 1963 وكذلك اوصى بان (يضعوا كتابه مع حفنة من تراب بلدة الديرسم تحت راسه في قبره) وكذلك اوصى بأن يمر موكب جنازته من أمام القنصلية التركية بحلب، وأن يدون على شاهدة قبره الأبيات التالية .

انا ايضاً سرت على ذلك الطريق الصعب

وصرخت وناديت

من اجلكم ايضاَ

حتى يصبح الدنيا كالربيع

 

 

التآخي