Share |

نوروز دياربكر ... هوزان أمين

كان نوروز دياربكر مختلفاً بكل المقاييس هذا العام، فنوروز دياربكر اساساً مختلف عن كل الاحتفالات التي تقام في جميع مناطق كوردستان الشمالية وحتى في الاجزاء الاخرى، واوجه الاختلاف تكمن في ذلك العدد الهائل الذي يأم ميدان نوروز،

فتقدر اعدادهم بمئات الالوف وتذهب التقديرات الى ابعد من ذلك بحيث تقدر بالمليون او اكثر، بطبيعة الحال هذا عدد كبير وهائل وربما يكون من التجمعات الكبرى على مستوى الشرق الاوسط، فلوا فرضنا جدلاً ان الاختلاف يكون بنسبة الاعداد المشاركة فيها، إلا ان الاختلاف كان هذا العام اكبر بكثير من تلك الحسابات الرقمية على الرغم من تجاوز الجماهير المشاركة لنوروز دياربكر لوحدها هذا العام لقرابة المليونين بحسب بعض التقديرات.

فنوروز بالمفهوم العام يعد من أقدم وأقدس المناسبات الكوردية، لكونه يوم يعبر فيه الانسان الكوردي بصدق عن هويته وعلى اثبات وجوده القومي، وهو العيد القومي لدى الشعب الكوردي ورأس السنة الكوردية الجديدة، ونوروز يعني اليوم الجديد ، حقيقة كان نوروز دياربكر معبراً عن كل تلك المعاني والمدلولات، فقد كانت الاجواء العامة ملائمة من مختلف الجوانب الطبيعية منها والموضوعية وحتى الاستعدادات الذاتية، فقد كانت تشهد دياربكر اجواء مشحومة ومفتوحة على كل الاحتمالات، في الاعوام السابقة، فقد كان المحتفلون يأخذون في جيوبهم الحجارة لمجابهة منع السلطات للاحتفال به، بحجة عدم ترخيص الاحتفال، وكان يقام الاحتفال بالقوة حيث تقف الدولة عاجزة عن فعل شيئ امام تلك الجموع البشرية كالسيل الجارف والتي كانت تسير في الشوارع لحين وصولهم الميدان المعد للاحتفال بالعيد، إلا ان هذا العام كانت الابتسامة وعلامات الفرح بادية على الوجوه حيث اقيمت المسيرات والاحتفالات بكل حرية وخضع المشاركون للتفتيش من قبل الجهات الامنية المسؤولة عن حماية الاحتفال، وتحسباً لاي عمل طارئ قد يعكر صفوة الاحتفال بالعيد اخذت الاحتياطات الامنية من الجهتين أي من قبل الامن والمنظمين، وكان الحشود البشرية الهائلة تسير بحرية وتحمل شعاراتها وتنادي وتصرخ بالحرية والسلام والاخوة بكل حرية وسلام .

فنوروز دياربكر كان كرنفالاً للفرح ومهرجاناً للسلام واحتفالاً بيوم جديد وبداية مرحلة جديدة تفتح ابواب الاخوة والوئام بين الشعبين الكوردي والتركي، وامتزجت الوان الازياء الكوردية التراثية بألوان الطبيعة الجميلة والاجواء الخلابة، على امل ان يكون هذا اليوم بداية النهاية للصراعات والخصومات والمآسي والتي ادت منذ عقود من الزمن الى خسائر فادحة من الناحية المادية والمعنوية والى سقوط عشرات الالوف من الارواح من الطرفين.

فقد نظم نوروز دياربكر من قبل حزب السلام والديمقراطية بالتعاون مع بلدية دياربكر الكبير، وقد كلف اكثر من 5000 آلاف شخص من موظفي البلدية والحزب بتنظيم الاحتفال، وتم تغطية هذا الحدث الكبير عبر اكثر من 500 صحفي واعلامي من مختلف وكالات الانباء في تركيا والعالم، وقد تم توجيه الدعوات الى العديد من رؤساء المنطقة وبينهم رئيس الجمهورية التركية عبدالله غول ورئيس حكومة اقليم كوردستان مسعود البارزاني وغيرهم من القيادات ورؤساء الاحزاب الكوردية في المنطقة، وتم نقل الاحتفال مباشرة عبر فضائيات كوردية وتركية.

رتب ميدان الاحتفال بشكل منقطع النظير بحيث زين المسرح الكبير الي اعتقد انه من كبرى المسارح الثابتة في المنطقة  بألوان العلم الكوردي وصور شهداء الحركة التحريرية الكوردية في شمال كوردستان وصور الزعيم الكوردي عبدالله اوجلان المسجون في جزيرة إمرالي منذ 14 عاماً، وزود المسرح بشاشات عملاقة محملة على الرافعات ووضعت شاشات اخرى في مناطق متفرقة ليتسنى للجمهور مشاهدة المسرح، كما وضعت مكبرات صوت عملاقة في مساحات كثيرة ليتمكن الجميع من سماع كلمة عبدالله اوجلان بمناسبة نوروز، الذي قرأه النائب سري ثريا اوندر نائب اسطنبول ومن ثم ترجمت باللغة الكوردية من قبل النائبة بروين بولدان، الكلمة كان ينتظرها الجمهور بفارغ الصبر، ناهيك عن جميع المهتمين بالشأن الكوردي في تركيا وكذلك العديد من دول العالم ، كونه وحسب المراقبين كان سيضع حدا لدوامة العنف الذي استمر ولا زال مستمراً في تركيا طوال عقود من الزمن.

حيث اكد اوجلان في رسالته بأن "المرحلة ليست مرحلة الخلاف والحرب بل مرحلة الاتفاق والتضامن والتسامح، مشيراً الى أن الشعب الكوردي والتركي حاربوا في جناقلا واستشهدوا معاً".

وأضاف أوجلان أن "دماء الشعب التركي، اللاز، الكورد، جركس، التي سالت كانت من هذه الجغرافية" قائلاً " اليوم وأمام الملايين الذين يستمعون إلي أقول بدأت مرحلة جديدة، لا للسلاح السياسة سوف تتقدم وصلنا إلى مرحلة تقوم فيها قواتنا المسلحة بالانسحاب إلى خارج الحدود".

جاءت كلمة اوجلان بعد سلسلة من المقابلات بينه وبين المسؤولين الامنيين الاتراك وكذلك بعد عدة مقابلات بينه وبين مسؤولين من حزب السلام والديمقراطية، على اعتبار انهم توصلوا الى نتائج بشأن الحرب الجارية رحاها في تركيا وعلى اثرها وجه اوجلان ثلاثة رسائل الاولى الى حزب السلام والديمقراطية كونه الممثل الرسمي لجماهير حزب العمال الكوردستاني وحامي ميراثه في تركيا ، والثاني الى منظومة المجتمع الديمقراطي في اوربا ، والثالث الى القيادة العسكرية لحزل العمال الكوردستاني في جبال قنديل ، وقد تم بموجبها وضع خريطة طريقة لمسيرة الحل السلمي بين حزب العمال الكوردستاني وتركيا ، وتم الاستجابة لاوجلان وتوكيله بحل المسألة والاستجابة لقراراته ، وعلى اثر لك تم فتح الطريق لالقاء كلمته التاريخية في نوروز .

على الرغم من جدية الاكراد بشأن الحل السلمي بحيث تم اطلاق سراح عشرة اسرى من الجيش التركي برعاية حكومة اقليم كوردستان وتسليمهم الى السلطات التركية كخطوة وبادرة حسن نية من قبل الجانب الكوردي ومن ثم تم اقرار وقف اطلاق النار من الجانب الكوردي ومن ثم تأمين طريق آمن للغيريلا الكوردية للخروج خارج الاراضي التركية بعد اقرار ضمان رسمي من البرلمان التركي بعدم التعرض لهم اثناء الانسحاب ووقف التمشيطات العسكرية ومن ثم سيلي ذالك خطوات أخرى، هذا من الجانب الكوردي اما من الجانب التركي لم نلحظ خطوا خطوات جدية في ذلك المضمار سوى اطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين من رؤساء البلديات والمعتقلين بتهمة مساندة حزب العمال الكوردستاني، اذاً يبقى الكرة في ملعب الحكومة التركية ومدى تقبلهم للامر ولكن بموجب الاستبيانات الذي جرى في عموم محافظات تركيا حول قبولهم للحوار مع حزب العمال الكوردستاني وايجاد حل سلمي للقضية الكوردية، بحسب آراء المشاركين نرى ليونه في المجتمع التركي ايضاً باتجاه الحل السلمي في الوقت الذي كان من المستحيل الحديث عن حوار مع الاكراد بشأن القضية الكوردية على اساس عدم وجود قضية كوردية في تركيا حسب مفهوم المتطرفين الاتراك والذي كان سائداً حتى زمن قريب ، ظهر نتائج الاستبيانات مرضية بحيث قبل 58 % من المشاركين في الاستبيان بالحوار والحل في حين اختلفت النسبة من منطقة الى اخرى بحيث بلغت النسبة في مناطق كوردية 80% قبولاً.

مثلت نوروز معناها الحقيقي في نوروز آمد ( دياربكر) بحيث كان معبراً عن السلام والاخوة ومطالباً بالحرية والديمقراطية، ابدى جميع المشاركين في الاحتفال صغاراً وكباراً نساءً وشيوخاً تفائلهم عن الامر وبعثوا رسائل حب من شعب حي ومناضل وتواق الى الحرية إلى الإنسانية، من خلال شعلة نوروز والتي انبثق منها شعاع الأمل في انجلاء الظلم وبزوغ فجر الحرية، واكدوا للعالم اجمع انهم صامدون ومصممون على السلام وبناء اسس الديمقراطية والاخوة مع الشعوب الاخرى. 

التآخي