Share |

انتفاضة قامشلو والثورة السورية ... هوزان أمين

هوزان أمين

 

يمر علينا هذه الايام ذكرى انتفاضة قامشلو في غرب كوردستان بعد مرور 8 اعوام على اندلاعه ، وكذلك الذكرى الاولى على الثورة السورية ، حري بنا ان نتذكر هذه الانتفاضة والثورة المجيدة التي تجري رحاها في سوريا، ومستمرة بكل عزيمة واصرار حتى النصر وتبيان اوجه الشبه والتقارب بين الثورتين وطريقة تعامل النظام معهما .

ففي خضم الأحداث التي تجري على الساحة السورية والانتفاضة الشاملة والثورة من اجل الحرية والكرامة الانسانية ، التي بدأت منذ عام والتي مرت ذكراها الاولى في 15 من شهر آذار هذا العام، وبعد مرور \ 8 \ أعوام على ذكرى الانتفاضة الكوردية الباسلة التي قامت من اجل الإنعتاق من نير الاضطهاد الملازم للنظام الاستبدادي في سوريا، وتحدي اشد دكتاتوريات العصر قمعاً وفتكاً وتنكيلاً بشعبها ، وما جاءت تسميتها ( انتفاضة قامشلو) إلا بسبب اندلاع الشرارة الاولى  من مدينة قامشلو وسرعان ما انتشرت في كافة اماكن ومناطق التواجد الكوردي في سوريا من ديريك الى عفرين وحلب واماكن تواجد الاكراد في العاصمة السورية دمشق وغيرهما،  كما القول المأثور " من الشرارة يندلع اللهيب " بالفعل كانت كالهيب الذي يحرق كل من تسول نفسه النيل من عزيمة شعب طالما عانى من القمع والظلم ، لقد كانت إنتفاضة جماهيرية عارمة، بالرغم من كل المحاولات التي من قبل النظام وارادت تلفيق التهم وابرازها على انها مؤامرة اقليمية او دولية يدعمها دول خارجية تهدف الى النيل من سوريا و تسميتها بمسيات كانت بعيدة عن فحى ومحتوى تلك الانتفاضة ووفق كل المعايير تعتبر إنتفاضة قامشلو انتفاضة كوردية في وجه الظلم والقهر والاستبداد ، واستطاعت الانتفاضة النيل من هيبة الدولة التي كانت تحكم الشعب الكوردي بالحديد والنار وفرض سيطرتها على بعض المناطق وإدارتها لثلاثة أيام متتالية  ولو حصل اتفاق او تجاوب  مع المكونات السورية الأخرى آنذاك لأدت إلى زعزعة السلطة الحاكمة في سوريا ولكان الربيع العربي ينطلق من قبل الشعب الكوردي ولتوسعت لتشمل كافة مناطق سوريا وربما تجاوزت حدودها ووصلت الى وصلت اليه الاوضاع  الدول العربية الاخرى وربما اصبحت سوريا مهد وانطلاق الربيع العربي منذ ذلك الوقت  .

نعم  لقد رفعت شعارات وأهداف لاجل انهاء حكم النظام البعثي الحاكم على سوريا منذ قرابة 5 عقود التي تتحكم بمصير الشعب السوري ومستقبله متجاهلاً كل الأعراف والقوانين الدولية وحقوق الإنسان ونتيجة الهمجية التي واجه بها الانتفاضة السلمية للشعب الكوردي التي وراح ضحيتها العشرات من الشهداء ومئات الجرحى وآلاف المعتقلين، من أبناء الشعب الكوردي ، وهذا ما شكل سبباً في ازدياد الإصرار على تحدي هذا النظام وتحطيم جدار الخوف لأول مرة منذ الحكم البعثي، واكد بأن الشعب الكوردي في سوريا شعب واحد لم يعد يقبل بالخنوع والذل وهدر الكرامة والحقوق ، شعب من حقه العيش بحرية وكرامة ،بعيدا عن القمع والتنكيل وقبضة الاجهزة الامنية  .

وبعد مرور عام على انطلاقة الثورة السورية التي اندلعت شرارتها الاولى من مدينة درعا في ال15 من آذار 2011 واندفاع الملايين الى الشوارع و الساحات يعلنون الثورة ويتجمهرون للاعتصام في الميادين مرحبين بالموت بأياديهم العزلاء، إلا من إيمانهم القوي بعدالة قضيتهم ونصرتها ، على الرغم من ان هذا  النظام الهمجي مستمر في سياساته القمعية وقتله للمتظاهرين العزل عبر جيشه وشبيحته دون أي شفقة، وتلفيق التهم الجاهزة على غرار الانتفاضة الكوردية عام 2004 حيث اتهموها على انها عمليات ارهابية من قبل منظمات جهادية سلفية ووصل بهم الامر الى تسميتها بالمؤامرة الكونية على سوريا وتهدف من ورائها النيل من سوريا وعزيمتها كونها من دول الممانعة والصمود والتصدي والراعية لقضايا الامة العربية والقلعة الحصينة للعروبة ، ولكن كل الدلائل والمؤشرات تدل عكس ذلك فهي كانت الداعمة للمنظمات السلفية وحتى الجهادية وترعى شؤونهم ومصالحهم وتنفق عليهم الملايين من الدولارات لاجل تشغيلهم وفق مصالح سوريا وامنها حين اللزوم.

واصبحت نتيجة هذه الثورة منذ عام على اندلاعها والخسائر التي تكبدها الشعب السوري، بحيث وصل عدد شهدائها الى اليوم وحسب المرصد السوري لحقوق الانسان اكثر 9000 آلاف شهيد من شباب ونساء واطفال، و15000 جريح يفتقدون الى مستشفيات لمعالجة جراحهم التي تؤدي الى استشهادهم في نهاية الامر نتيجة النزيف الدامي وضعف الامكانات الدوائية والعلاجية ، وعشرات الآلاف من المعتقلين الذين لم تعد السجون تستوعبهم، فالتجأوا الى المراكز العسكرية وحتى صالات رياضية لاحتجازهم وحتى قتلهم تحت التعذيب الوحشي الذي يمارسه ازلام وشبيحة النظام ، وقد وصل عدد النازحين او الفارين من بطش النظام وجبروته الى اكثر من 100000 لاجئ سوري اكثرهم من محافظة درعا المتاخمة للحدود الاردنية والتي وصل عدد النازحين منها الى الاردن قرابة 70000 الف وقد قدمت لهم السلطات الاردنية ومنظمات حقوق الانسان المخيمات ويعانون من ظروف معيشية صعبة في ظل هذا الشتاء القاسي التي يمر بها المنطقة ، وكذلك وصل عدد النازحين من محافظة ادلب الى تركيا الى قرابة 15000 لاجئ وبنيت لهم معسكرات ومخيمات في منطقة انطاكية الحدودية وهي قريبة الى حد ما من المعتقلات ويعانون ما يعانون من سوء احوال واوضاع معيشية صعبة، وكذلك هناك قسم من النازحين الذي نزحوا من محافظة حمص التي تعرضت لدمار وخراب لا مثيل لها ادت بجموع المواطنين الى الهرب الى لبنان وتمركزهم في بعض المناطق الحدودية التي لم تقدم لهم الحكومة اللبنانية، ادنى مستويات المعيشة ، ويعانون من ظروف صعبة لا يتحملها الانسان .

ان الارادة والعزيمة التي اكتسبها الشعب الكوردي في سوريا منذ انتفاضة 12 آذار لا تزال متقدة في نفوسهم، وستبقى الحافز القوي على استمرارية النضال التحرري والخلاص ونيل الكرامة والحرية ولهذا السبب جاءت المشاركة الكوردية الواسعة  الفاعلة والمؤثرة في الثورة السورية العامة منذ اليوم الأول من انطلاقتها ، لتؤكد للعالم اجمع أن الشعب الكوردي شعب حي وذو وجدان وضمير حي ، ومصمم على المشاركة الجادة في بناء سوريا المستقبل عبر ثورته السلمية التي اعتبر نفسه جزءا لا يتجزأ منها .

على الرغم من اتباع النظام كل انواع المؤامرات والمخططات الخسيسة التي تريد عبرها بالتوازي مع آلة القتل النيل من عزيمة الشعب الكوردي وقتله للعديد من رموز هذا الشعب وقياداتها بدأً من مشعل التمو ونصرالدين برهك وغيرهم و عبر المحاولات الدنيئة التي تهدف لتحييده عن مسار النضال الثوري، إلا انه هيهات لقد استوعبت وفهمت القصة وغير جدير بالنظام ان يراهن على ذلك فالانتفاضة والمظاهرات والثورة لن تتوقف مهما كانت التضحيات، هذا ما نستوعبه من خلال ما يجري على الساحة وفي الميادين والساحات العامة فالشعب اخذ قراره ولن يتراجع والنصر سيكون حليف الشعوب المناضلة والموت والخزي والعار سيكون من نصيب الانظمة الديكتاتورية وما اكثر الامثلة التي تؤكد هذه المقولة سواء من التاريخ القديم او حتى من التاريخ الحديث وليأخذ النظام العبرة من تونس وليبيا ومصر واليمن ....الخ .