Share |

غرب كوردستان وعقدة الهاجس التركي…شفان إبراهيم

تمتد المنطقة الكوردية عبر شريط حدودي طويل جداً يبلغ أكثر من ( 800كم  ) مع تركيا ومشتركة مع حدود إقليم كوردستان العراق, وما تتمتع به المنطقة الكوردية من طبيعة جيو-سياسية ووفرة الخيرات والثروات الباطنية والزراعة,

كل ذلك يدفع بتركيا للتركيز على هذه المنطقة وتوجيه سياستها إلى استقرار المنطقة الكوردية لما سيشكل عامل أمان لكل سوريا غداً. خاصة وان البنية التحتية لا تزال سليمة 100% ووجود مطار دولي في القامشلي, إضافة إلى الطريق البري الأمن والقصير بين تركيا وقامشلو عبر نقطة ( نصيبين) الحدودية, وبوابة ربيعة الواصلة بين كوردستان العراق وتل كوجر في المنطقة الكوردية, وإعادة تأهيل النقطة الحدودية للتجارة والتواصل البشري بين غرب وجنوب وكوردستان عبر سيمالكا وغيرها, إضافة الى تواجد سكة حديد يُمكن ربطها مع دول الجوار, فتشكل عقدة مواصلات برية وجوية متينة يُمكن من خلالها نقل كل ما يلزم من وإلى غرب كوردستان,  فالمنطقة الكوردية ستكون في حالة التطوير وليس في حالة الترميم وإعادة الأعمار, كل ذلك سيدفع بتركيا نحو التفكير جيداً للاستفادة من عقود تطوير وتنمية المناطق الكوردية وعقود التنقيب وصيانة وبناء المطارات, وغزو السوق الكوردية بالمنتجات التركية, وافتتاح المصانع والمعامل, إضافة إلى التجارة الحرة بين المنطقتين...وغيرها, خاصة وإن تقريراً اقتصادياً قد أماط اللثام عن الاقتصاد القوي للمنطقة الكوردية حيث وضحت العربية نت أن الإقليميتمتع بثروة اقتصادية ضخمة، إذ يمكنه إنتاج 250 ألف برميل من النفط يومياً، ويشكل إنتاجه النفطي أكثر من نصف إنتاج سوريا البالغ 380 ألف برميل قبل الثورة. وكميات هائلة غير معروفة من الغاز، حيث تستطيع مؤسسة السويدية للغاز الطبيعي إنتاج أكثر من 16 ألف اسطوانة غاز يوميا,  وينتج 1.4 مليون طن من القمح تشكل نحو 37% من إنتاج سوريا. كما ينتج من القطن 273 ألف طن أي  تشكل حوالي 39% من أنتاج سوريا, ويفوق عدد أشجار الزيتون 15 مليون شجرة أي 23% من عدد أشجار سوريا, ويخرج من المنطقة نحو 45% من أنتاج سورية الزراعي.

وباحتساب سعرها وفق أسعار السوق العالمية الحالية يظهر أن الإقليم يمكن أن يجني ما يقارب من 9,5 مليار دولار سنوياً من النفط, ومن الزيتون 780 مليون دولار, ومن القمح 372 مليون دولار, ومن القطن 230 مليون دولار. 

أي يمكن تحقيق إيرادات سنوية تبلغ 10.8 مليار دولار، أي أكثر من نصف ميزانية سوريا للعام.الجاري.2013 البالغة 20.3 مليار دولار. كل هذه المعطيات والمؤشرات والأرقام ستجعل من تركيا الصديق الأول لغرب كوردستان, ولكن توجس الترك من وجود حزب الاتحاد الديمقراطي تدفع بسياسة تركيا تجاه الأكراد لتكون العقدة الكوردية الأبرز والأكثر إشكالية, خاصة وأن تركيا صرحت ولأكثر من مرة أنها لن تسمح بإقامة مراكز لشن هجمات ضدها من الأراضي السورية الحدودية المتاخمة لها, وفق منظورها, في إشارة واضحة إلى المنطقة الكوردية وتخوفها من تواجد عناصر الب ك ك, كما تدعي, وهذا ما تم الإعلان عنه خلال لقاء وزير خارجية تركيا داوود أوغلوا مع  المجلس الكوردي السوري الزائر إلى كوردستان العراق آن ذاك والطلب الملح المتقدم من الجانب التركي بضمانات تؤكد على انعدام أية علاقة بين حزب الاتحاد الديمقراطي السوري وحزب العمال الكوردستاني المحظور في تركيا منذ عقود, وأردفت الخارجية التركية سابقاً بان تركيا لا تمانع من إقامة كيان كوردي خاص بها شريطة ضمانة عدم استغلالها لشن هجمات ضد تركيا, وهي تعلم جيداً أنها ستكون المستفيد الأول اقتصادياً من الإقليم أو الكيان الكوردي نتيجة للعوامل المذكورة إضافة إلى النشاط الاقتصادي الكبير الذي سيحصل بين المنطقتين, لكن ومع ذلك فإن الكورد في سوريا لا زالوا متخوفين من سياسة الترك حيال القضية الكوردية في سوريا, في ظل تهميش وتغييب حوالي عشرون مليون كوردي في تركيا وعدم الاعتراف بهم دستورياً, وحرمانهم من الحقوق الثقافيةوالسياسيةومن الدراسة بلغتهم الأم, فمن غير المنطقي أن يكون للحكومة التركية علاقات سياسية واقتصادية مع كل من كورد سوريا وكورد العراق, ويبقى الكورد في تركيا معزولين وبعيدين عن مراكز القرار في أنقرة, مع ذلك فإن المؤشرات تدلل بوضوح على أن لتركية مصلحة قوية في نشوء كيان كوردي في شمال شرق سوريا, خاصة في صراعها مع المد الشيعي المتمثل في تحالفات الأنظمة الإيرانية والعراقية والسورية وجزء من لبنان, ورغبة تركيا في الحد من هيمنة هذا المد في المنطقة , وهي تعتقد أنه بالإمكان الوقوف في وجه هذا المد عبر دعمها لقيام حكم ذاتي كوردي في سوريا, إضافة إلى رغبة تركيا بعدم اقتراب أي مد ديني أو راديكالي من حدودها أو استمرار القصف بالقرب منها, والنزاعات الدائرة في هذه الفترات في مختلف المناطق المتاخمة للحدود التركية تُثير هواجس وقلق الحكومة التركية.

shivan46@gmail.com