Share |

كلام فارغ ومحض هراء...درويش محمي

 

ما يدعيه ويتبجح به البعض، بان سورية بلد التاريخ والعراقة، هو كلام فارغ ومحض هراء لا اساس له من الصحة، سورية بلد حديث العهد لا يتجاوز عمره الا بضعة عقود من الزمن، وضعت حدوده بجرة قلم من الجارين سايكس وبيكو، تركها الافرنج في اواخر الاربعينات من القرن الماضي ليدخل عالم العسكر وانقلاباتهم،

الى ان جاءها حافظ الاسد، الولد الفلاح ـ على ذمة باتريك سيل ـ القادم من جبل العلويين، حكمها كمزرعة تعيسة جائعة لاربعة عقود، وحول اهلها الى رعية خنوعين خاضعين لا حول لهم ولا قوة، يحمدون ربهم على "قلة المرعى" وقلة الحريات وبضعة افلام ومسرحيات هزيلة لغوار الطوشة.
سورية العراقة والحضارة هي نفسها "سورية قلب العروبة النابض" ـ ايضاً على ذمة باتريك سيل ـ تسلمها بشار الاسد عن ابيه ولم يكن اقل دهاء منه، حكمها بقبضة من حديد لاكثر من عقد، بجحافل لا تعد ولا تحصى من اجهزة الامن والمخابرات، وبعد ان استنفذ الاب "فذلكة" الصمود والتصدي، خرج علينا الابن "بمسخرة" الممانعة والمقاومة، لتصبح دمشق مرتعاً لكل منافق عروبي من المحيط الى الخليج، ولتبقى سورية كسابق عهدها، في مقدمة الدول المعروفة بالفساد والجوع والتخلف وفقدان الحريات وانتهاك حقوق الانسان.
بعيداً من التاريخ ونفاقه، ما يجري اليوم في سورية من اعمال وحشية همجية مروعة، وعلى مدى العام ونصف العام من عمر الثورة السورية، يدحض وبالمطلق فرضية وجود علاقة بين هذا البلد المشؤوم والحضارة، ومن غير الممكن اطلاقاً ان يكون لسورية علاقة بالعراقة، ومعظم مدنها تدمر وتدك بالمدافع والدبابات وتضرب بالصواريخ والطائرات، والناس تقتل وتسحل واعراضها تهان وتنتهك، العلة بالتأكيد ليست في شخص الاسد وحده، ولا في حاشيته المجرمة، لا ابداً، الحقيقة ان قسم من اهل سورية يقتل القسم الاخر بوحشية متناهية، وان هناك كم هائل من الكراهية والحقد والاجرام في ربوع هذا البلد، الامر لا يصدق، كيف لنا ان نصف بعد اليوم سورية ببلد التاريخ والعراقة ؟
المشهد بائس، واثار الدمار والدماء في كل مكان، ورغم التاريخ السوري "العريق" الذي لا يبشر بالخير، لايزال هناك بصيص امل في الافق، الشباب الذين خرجوا الى شوارع دمشق وحمص ودرعا وكل المدن والقرى السورية بمظاهرات سلمية، وهم ينشدون للكرامة والحرية، يحلمون بمستقبل افضل بعد ان ارهقهم التاريخ بكل ثقله وتبعاته، القريب منه والبعيد، هل سيكون لهؤلاء كلمة في بناء سورية المقبلة ؟ سورية الحرة الديمقراطية اللاقومية اللاطائفية اللادينية، حينها فقط يمكن الحديث عن وضع اول حجر اساس في تاريخ سورية.
d.mehma@hotmail.com