Share |

ملف التآخي عن الوضع السوري العام والكوردي الخاص هل الكورد في سوريا قادرون على صون وحدة وحرية حركتهم السياسية – الحلقة 1-4

 

ملف التآخي عن الوضع السوري العام والكردي الخاص

( هل  الكرد في سوريا قادرون على صون وحدة وحرية حركتهم السياسية  )

ملف خاص بجريدة بالتآخي من اعداد : هوزان أمين

مقدمة :

ان الاوضاع وما آلت اليه في سوريا بعد الثورة الشعبية التي انطلقت هناك ، يمس المنطقة بأجمعها ، لا سيما ان هناك شعب كردي وجزء من اراضي كردستان داخل سوريا ، والشأن الكردي هناك امر يهم جميع الكرد ، ونيل الكرد حقوقهم اسوة بكرد العراق  يسرع من وتيره نيل الشعب الكردي في الاجزاء المتبقية لحقوقهم وهنا نحن بصدد الوضع الكردي في سوريا ومدى مشاركتها في الثورة، والعقبات والمعوقات التي تعترض نيل الشعب الكردي لحقوقه، في هذه الفرصة التاريخية المتاحة  ، بعد ان رسم ملامح الوضع الكردي السوري في الثورة الشعبية التي انطلقت في سوريا منذ ما يقارب العام والنصف ، بمشاركة واسعة من قبل جميع اطياف المجتمع الكردي .

فالوضع الكردي في سوريا كان قد بلغ مستوى كبير من حيث التخطيط والدراسة وسلط الضوء عليه بقوة من قبل الاعلام العالمي،  وقد بلغ الانخراط الجماهيري ذروته ، وكذلك بلغ المستوى الحزبي  في قيادة الجماهير الى القمة بعد تشكيل هيئة كردية موحدة برعاية رئيس اقليم كردستان ، بهذا الصدد ولاجل تسليط الضوء الاوضاع هناك ، اردنا اعداد ملف خاص عن الكرد في سوريا وبمشاركة من بعض الناشطين والسياسيين الذين عبروا عن افكارهم وآرائهم من خلال سؤالين طرحناه عليهم ، وفقاً لمكان وخصوصية كل مشارك في هذا الملف وقبل نشر آراء اؤلائك المشاركين لا بد لنا من تعريف مختصر بغرب كردستان  .

تعريف غرب كردستان :

وقفة سريعة على كرد سوريا ( غرب كردستان) من الناحية الجيوسياسية  ، يبلغ عدد سكان الكرد في سوريا اكثر من مليوني نسمة ويشكلون قرابة 12% من عموم سكان سوريا، ويعيشون في المناطق الكردية المتاخمة للحدود التركية بدأ من ديركا حمكو مروراً بالقامشلي فعامودا ورأس العين الى كرباني فعفرين ، بدون شك هذا العدد يشمل العديد من المناطق الاخرى والكرد المهجرين نتيجة لظروف سياسية او اقتصادية الى حلب ودمشق ، و قد عانى الشعب الكردي من الظلم والاضطهاد وعدم الاعتراف بهم كمكون قومي في سوري، بل الانكى من ذلك تعرضوا لحملة شرسة من قبل الانظمة المتعاقبة منذ عقود وبلغت اوجها بعد ان جاء النظام البعثي واستلم سدة الحكم في عام 1963 ، بالرغم من سلوك الكرد اساليب نضالية سلمية لاجل نيل حقوقهم المشروعة، ولكن بقي الاعتراف بهويتهم ممنوع ، ومنعوا من التعبير عنها كون عنصرها الأساسي اللغة الكردية ممنوعة من التدريس والكتابة ، وقد مورست بحقهم سياسات  شوفينية، ادت الى تهديد الوحدة الوطنية بعد ان جاء الإحصاء الجائر عام 1962 والتي بموجبها جرِّد مئات الألوف من أبناء الشعب الكردي من الجنسية السورية ومن أراضيهم كونهم أصبحوا أجانب ومن ثم جيئ بالعرب الغمر الذين غمرت اراضيهم نتيجة بناء سد الفرات ، وسلب من السكان الاصليين والفلاحين الكرد اراضيهم الزراعية الخصبة ، وتم استيطانهم في مستوطنات نموذجية .

الثورة السورية :

ظل الوضع على ما عليه من حالة التهميش والغبن الذي لحق بهم، بالرغم من دعاوي الاصلاح ومشاريع التجديد والشفافية التي تحدث الرئيس السوري بشار الاسد  ، الذي جيء به بشكل وراثي بعد وفاة الرئيس الاب حافظ الاسد ، الى ان اندلعت الثورات الجماهيرية والتي سميت بالربيع العربي بدءً من تونس مروراً بمصر ، فليبيا واليمن ، حيث اطيح بالرؤساء المستبدين الذين التهوا فقط بتقوية نفوذ عوائلهم وسوء استعمال السلطة لمصالحهم الشخصية ، وبلغت نيران الثورات الشعبية سوريا التي احتقن الوضع فيها ووصل حالة الغليان الشعبي الى حد الانفجار ، بالرغم من حكم الامن والمخابرات والتهديد بالحديد والنار ، الا ان الشعب ابى الاستسلام وقام بانتفاضة شعبية انطلقت من درعا اقصى جنوب سوريا ليعم اغلب المناطق والمحافظات في سوريا .

عن هذه الاوضاع اتجهنا الى اوربا حيث يقيم الكاتب والناشط الكردي السوري صلاح الدين بلال وسألناه : كيف يرى مستقبل سوريا ، في ظل هذا الخراب والدمار والقتل ..الخ الذي يمارسه النظام المتشبث بالسلطة حتى الرمق الاخير ؟

قال :  في يوم 15 مارس 2011 نزل الشعب السوري يطالب بالحرية وبالكرامة التي أفتقدها السوريين على مدى خمسة عقود من حكم آل الأسد، الشعب السوري حينها رفع رايات وشعارات تنادي بالتغيير السلمي وعبر عن مطالبه بصدور عارية بمواجهة رصاص الكتائب الأسدية التي لم تتوانى عن قتل المتظاهرين بكل وحشية، والسوريين حينما نزلو للشوارع كان ذلك يشكل رد فعل طبيعي لقهر مدفون في الصدور والعقول ومن ظلم لعشرات سنيين من حكم الأب والأبن وكان ذلك أمتدادا لرياح التغيير التي اشعلها الربيع العربي في المنطقة والتي أسقطت عدة أنظمة من خلال الساحات والميادين والتظاهرات الشعبية العارمة وهذا ما تصوره وتخيلته أكثرية الشعب السوري . إلا إن ما جرى في سورية كان استثناءً عن كل الثورات التي انطلقت في المنطقة حيث أكد النظام المتسلط على كرسي الحكم في سوريا انه خارج التاريخ وخارج اللحظة الزمنية التي يعيشها في هذا العالم المتغيير والمتحرك الى الأمام والى عوالم الديمقراطية والدولة المدنية من خلال تعريض المدن السورية لأكبر دمار في المباني والطرق ومحاولة يائسة منه لسحق وضرب بنية المجتمع السوري وتعطيلها لسنوات قادمة من خلال قتل وتشريد وتهجيرالالاف من الشعب السوري .

تؤكد طبيعة هذه السلطة أنها لا تملك غير خيار البرابرة ولعل شعار " الأسد او أن نحرق البلد " أكبر دليل على العقلية التي هجن بها عبيده من قواته الخاصة والشبيحة للمقاتلة السوريين بطريقة همجية .

هذا النظام الذي حول سورية الى مزرعة وشعبه الى تابعيين تفاجأ بكل هذا الصمود وهذه المقاومة الأسطورية التي يسطرها ثورا سوريا كل يوم في كل المدن والشوارع في سوريا وأنا من جهتي عبرت أكثر من مرة ومنذ بداية الثورة عن تخوفي من طبيعة هذا النظام وهمجيتة وللوحش الساكن في داخله ومن يعرف هذا النظام ومر يوما على أقبيته وزنازينه ومحقيقيه يدرك ما اتحدث به وعن مدى وحشية افكار زبانيته في قهر السوريين وتعذيبهم ومدى أحقية تخوفي السابق والذي أكدته قذائف وصواريخ وطيران الأسد ضد الشعب السوري والتي لم يحرك هذه القوات في أي معركة من معاركه المقدسة في جبهات المقاومة والممانعة القومية والبطولية التي كان يتشدق بها على مدى سنوات أمام العالم والشعب السوري . وبعد كل هذه التضحيات أنا أؤكد ان الشعب السوري سينال حريته و سيبني الدولة الديمقراطية وسيكون الثمن هذه الحرية أكبر مما كنا نتصور و لن تكون مرحلة ما بعد سقوط الأسد و التغيير الديمقراطي سهلة وبلا صعوبات وبلا تضحيات أيضا وسيكون لنا معارك سياسية ولكن بلا سلاح وبلا مخابرات وبلا خوف وارهاب ورعب وتبعية لأحد لتثبيت شعارات التي قامت عليها الثورة وضحت من أجلها الالاف الشهداء .

 وسالناه : هل بمقدور المعارضة اليوم وسلطة الغد والمتمثل بالمجلس الوطني السوري ، ان يكون قادراً على احتواء الازمة وقيادة سوريا الغد الى مستقبل مشرق ، يكون الديمقراطية والحرية شعارها ؟

قال : من المؤكد أن القوى التي تمثل واجهة المعارضة السورية في الخارج والداخل سيكون عليها أجتياز خنادق كثيرة من الورثة الثقيلة التي سيتركها النظام لنا من تدمير البنية التحتية والأقتصادية والأجتماعية والسياسية وستشكل كل هذه التحديات مسؤولية كبيرة أمام المعارضة السورية و أعتقد أن المجلس الوطني السوري لن يستطيع لوحده من أجتياز المرحلة القادمة بدون مشاركة باقي الأطياف السياسية والمجتمعية ومن كل المكونات السورية وبمشاركة حقيقية من ممثلي الثوار الذين يقدمون الغالي والرخيص من أجل أنتصار هذه الثورة المباركة ووضع برنامج توافقي وحكومة ائتلافية عريضة تكون قادرة على تكريس الحياة الديمقراطية وتداول الأدارة السياسية وسيادة سلطة القانون وفصل السلطات وبناء الدولة المدنية وتحقيق حرية الرأي والتعبير والأعتراف بحقوق الشعب الكردي وأحترام حقه في العمل السياسي والمشاركة في السياسة العامة وممارسة حقوقه ومصيره في أطار الوطن السوري الواحد في سورية لجميع أبنائها .

المشاركة الكردية :

لقد انخرط الشعب الكردي في سوريا في وقت مبكر في الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإنهاء حكم نظام البعث وعائلة الاسد ، ، رغم سلمية الثورة والتظاهر في جميع المدن ، لإسقاط أبشع نظام دكتاتوري عرفته سوريا على امتداد تاريخها، بحيث لا يتورع عن ارتكاب أبشع الجرائم بحق شعبه الأعزل المسالم ، وقام الشعب الكردي عن طريق قياداته وتنظيماته ، وبذل جهوداً حثيثة من اجل الاعتراف بالكرد كشعب وإزالة السياسات العنصرية المطبقة بحقهم واعتماد اللامركزية في إدارة شؤون البلاد، واكدوا ذلك خلال المظاهرات السلمية التي عمت مختلف ارجاء المدن الكردية واماكن وجود الكرد في دمشق وحلب .

الاحزاب السياسية الكردية في سوريا :

فمنذ اندلاع الثورة في 15 آذار  2011 وفي ظل الثورة مع  بزوغ فجر الربيع العربي ، والحراك الجماهيري ظهرت حركات وتنسيقيات شبابية وتنظيمات اهلية جماهيرية وشعبية ، وكذلك انقسم الشارع الكردي الى عدة مجموعات ، بحيث كانت تنطلق عدة مظاهرات في مدينة واحدة ، ولكل تظاهرة اسم محدد وشعار معين ، ومع الوقت وفي ظل تطور الحراك الثوري في سوريا.

وكانت المطالب بتحقيق اهداف الشعب الكردي بالحرية يتم عبر عدة جهات سياسية، ومعلوم مدى الترذم والتشتت الذي اصاب جسد القوى والاحزاب الكردية في سوريا منذ عقود من الزمن وانبثق عن تلك الانشقاقات  وحالة عدم الاتحاد والتفرقة بين العديد من الاحزاب والتنظيمات التي تنادي بايديولوجية واهداف قريبة من بعضها البعض  ربما تكون متشابه الى حد ما ، وان اختلفت الاسامي والعناوين .

المجلس الوطني الكردي :

تمخض عن تلك الاوضاع التي ذكرناها سابقاً ظهور قوتين كبيرتين على السطح ، الاولى معروفة بإسم المجلس الوطني الكردي  والذي تأسس في قامشلو  بتاريخ 26. 10. 2011، بانضواء اكثر من 12 حزباً كردياً  تحت لواءه ، حيث كان الشعب االكردي في أشد الحاجة في ذلك الوقت العصيب إلى تضافر الجهود لاجل أن يبذل كل ما في وسعه ويدفع بالغالي والنفيس في سبيل استعادة حريته و كرامته المسلوبة  .

مجالس الادارة المحلية :

وفي الجانب الآخر كان يتم تشكيل مجالس الادارة المحلية في المدن والبلدات الكردية ، بتنظيم من قبل حزب الاتحاد الشعبي ، الموالي لحزب العمال الكردستاني ، والذي تمخض عن تلك الانتخابات ، تشكيل مجلس الشعب لغرب كردستان ، تحت شعار تحقيق "الاستقلال الديمقراطي "وبهذا الشكل ظهر على السطح قوتين كرديتين ، وكل واحد منهما تدعيان انهم يمثلون الشعب ويقوم بتقديم الخدمات اللازمة لاجل اثبات ذلك ، بالاضافة الى  اظهار عرض عضلات من خلال المسيرات والتظاهرات التي كانت تجري من حيث عدد المشاركين في التظاهرة، ومع الزمن افرزت تلك التناحرات حدوث حالات من الصدام والعراك ، الذي كان بطبيعة الحال ستنجم عنها نتائج كارثية لولا تدخل رئيس اقليم كردستان السيد مسعود البارزاني ، وبتأييد من قبل منظومة المجتمع الديمقراطي ،حيث دعى كلا الطرفين الى طاولة الحوار ، وبعدة جولات كبيرة من الحوار والنقاش لايام ، نتج عنها صدور وثيقة هه ولير في 11 حزيران 2012  ، الذي اعطى جرعة كبيرة من الامل لتوحيد الصف الكردي ، ورسم خطط موحدة ومنسقة في سبيل ضمان حقوق الشعب الكردي في سوريا .

 

 

 

التآخي : العدد والتاريخ: 6405 ، 2012-09-17