Share |

البطاقة العالمية الذكية (كي كارد) مسعى لتخفيف معاناة النازحين في كوردستان العراق

(يقدر عدد النازحين في محافظة دهوك بـ 65% من عدد النازحين في عموم العراق وتقدر اعدادهم بـ 125 ألف عائلة نازحة أي ما يقارب المليون و مئتي الف نازح)

 

تحقيق من اعداد : هوزان أمين – دهوك – خاص للتآخي

بسبب الارتفاع الشديد في عدد النازحين داخل العراق ومع اقتراب عددهم الى أربعة ملايين شخص بحسب الاحصائيات الرسمية للمنظمة الدولية للهجرة والتابعة للامم المتحدة، ويقيم اكثر من 50% من هؤلاء اللاجئين في محافظات اقليم كوردستان العراق، هؤلاء نزحوا من منازلهم بسبب المعارك التي تشهدها مناطق واسعة من العراق بين القوات العراقية من جانب ومسلحي تنظيم "داعش" الارهابي ولا سيما من محافظتي نينوى والانبار وصلاح الدين من جانب آخرويعود السبب في تدفق هذا الكم الهائل من اللاجئين في العراق الى مناطق الاقليم بعد ان اقر رئاسة أقليم كوردستان بفتح ابواب الاقليم امام  اللاجئين العراقيين والذين ضاق بهم سبل الحياة في الاماكن الاخرى، فوجدوا المكان الملائم لهم بين احضان أقليم كوردستان الذي ينعم بالاستقرار مقارنتاً مع اوضاع المحافظات الاخرى في وسط وجنوب العراق، وبناء عليه فقد اعلن فخامة رئيس اقليم كوردستان الرئيس مسعود بارزاني إن إقليم كوردستان سيبذل ما بوسعه لمساعدة اللاجئين والنازحين، وان كوردستان هي بلاد الجميع وأبوابها مفتوحة أمام النازحين .

ولاجل ايجاد وسيلة لمساعدة هؤلاء الناس في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها فقد كانت وزارة الهجرة والمهجرين في حكومة العراق مسؤولة عن جميع الأمور المتعلقة باللاجئين و الساكنين في العراق وقد قامت الوزارة بتطوير السبل وايجاد وسائل حديثة لمعالجة قضايا الهجرة وتعمل كنقطة محورية للمنظمات التي تساعد الاشخاص اللاجئين والمبعدين قسراً عن ديارهم، ولهذا اصدرت الوزارة قراراً بإصدار بطاقات ذكية للمواطنين المهجرين لكي يتسنى للأسر النازحة استلام المنح المالية المخصصة لهم ضمن قانون الموازنة العامة لعام 2015م والتي نصت على توزيع المنح المالية للنازحين عن طريق البطاقة الذكية حصرًا، ولهذا ولاجل تعجيل تسيير معاملات المواطنين المرحلين فتحت وزارة الهجرة والمهجرين غرفة عمليات خاصة لاستقبال شكاوى ومقترحات المواطنين للعناية في تسيير شؤون المرحلين وتسهيل إصدار البطاقة الذكية، كما ان من مهام عمل غرفة العمليات مخاطبة فروع الوزارة ومكاتبها ومنافذ إصدار البطاقة الذكية في المحافظات عبر التعاقد مع الشركة العالمية لاصدار البطاقة الذكية.

فقد كان نصيب محافظة دهوك استقبال اكثر عدد من هؤلاء النازحين سواء من داخل العراق وكذلك من سوريا واذا كانت نسبة المهجرين في العراق الى محافظات الاقليم 65% فإن اكثر من نصفهم يقيمون في محافظة دهوك وقد اكتظت ملاجئ ايواء المهجرين والمعسكرات بعدد لا يطاق منهم واقيمت العديد من المعسكرات بسرعة قياسية بالتعاون من سلطات المحافظة وحكومة الاقليم، ويعيش هؤلاء في ظروف مأساوية سيئة بالرغم مما تقدمه الحكومة والمنظمات الانسانية المحلية والعالمية من مساعدات مادية ولوجستية بسبب الاعداد الهائلة التي فاقت التصورات.

ولتسليط الضوء على هذه الخطوة التي اقرتها وزارة الهجرة والمهجرين في العراق بضرورة اصدار بطاقة ذكية ( كي كارد) لكل اسرة مرحلة للتخفيف عنهم ولتأمين أدنى مستويات المعيشة لهم قامت جريدة التآخي بزيارة أحدى مراكز الشركة العالمية لإصدار البطاقة الذكية في مدينة دهوك واجرت الاستطلاع التالي.

في البداية التقينا بمدير الشركة في مكتب محافظة دهوك السيد إحسان عيسى وسألناه حول آلية منح هذه البطاقة والمشاكل التي يعانونها خلال عملهم تحدث لنا قائلاً" نرحب بكم في مقر الشركة العالمية ( مكتب دهوك) فقد كانت للبطاقة الذكية نشاط آخر قبل الآن، فقد كانت تمنح لمديريات المتقاعدين، فقد بدأت قبل الآن بالتعاقد مع الحكومة العراقية لصرف رواتب المتقاعدين عن العمل، ولكن بعد الاوضاع الحالية التي عصفت بالعراق وكثرة النازحين في مناطق متفرقة من العراق وصعوبة وصول المساعدات المالية اليهم قامت الحكومة العراقية عبر وزارة الهجرة والمهجرين بالتقاعد مع الشركة العالمية للبطاقة الذكية لتوصيل المعونات النقدية عبر هذه البطاقة، وقد اعطت الحكومة قراراً بإصدار هذه البطاقة لهم عبر آلية تعتمدها وزارة الهجرة والمهجرين عبر قاعدة بيانات موجودة لديها.

وعن المستمسكات المطلوبة وشروط منح هذه البطاقة؟ اجاب قائلاً" يراجع المواطن النازح مراكز منح البطاقة اذا تواجد اسمه في قاعدات بيانات الوزارة مع ابراز مسمسكين حكومين وهي هوية الاحوال المدنية واي مستمسك حكومي آخر.

وعن كمية المبالغ التي يتلقاها النازح ؟" قال ممن تمكن من الحصول على البطاقة لغاية شهر نيسان فقد صرفت له مبلغ المليون دينار عبر البطاقة الذكية، والباقي سيحصل على تلك المنحة بعد الانتهاء من توزيع البطاقة على جميع النازحين والتي من المؤمل ان ننتهي منها لغاية 1 آب، ومنذ الآن سنبداً بتفعيل البطاقة الذكية وتوصيل المنح المالية المخصصة لكل اسرة نازحة، بالاضافة الى منحة شهرية تقدر بـ400 ألف دينار عراقي اعتباراً من بداية العام الحالي.

وعن مدى صلاحية هذه البطاقة وهل سينتهي دورها بعد عودة النازحين الى ديارهم اجاب " نعم ان شاء الله بعد تحرير مناطقهم واعادة الامن اليها ستنتهي مهمة البطاقة، ولكن بالتأكيد ستعاني تلك المناطق من سوء الخدمات وخراب البنية التحتية وبالتدريج بعد تصليح ما تخرب ستبقى هذه الآلية الى فترة وجيزة ومن ثم ستتوقف.

واثناء قدومنا الى هذا المركز وجدنا الناس مكتظين امام باب المركز وسمعنا ان الناس كانت تقف طوابير طويلة تحت اشعة الشمس الحارة قبل الآن وحتى خلال شهر رمضان المبارك تنتظر دورها لتقدم اوراقها الى المركز في مراكز الهجرة والمهجرين ومراكز الشركة العالمية، بالرغم من العمل المتواصل وبدوام يصل النهار بالليل لكي يحصل جميع النازحين على هذه البطاقة خلال فترة وجيزة، سألنا مدير فرع دهوك لاصدار البطاقات الذكية السيد إحسان عن اسباب هذا الازدحام امام مركز اصدار البطاقة الذكية حتى اثناء الدوام الليلي قال " هناك اعداد غفيرة من النازحين في محافظة دهوك وجميعهم يودون الحصول على البطاقة معاً وبالطبع هذا حقهم لحاجتهم الماسة لهذه البطاقة وبسبب ظروف معيشتهم السيئة، فهذا المواطن ترك ديارة وجاء الى منطقة اخرى، وحكومة اقليم كوردستان مشكوراً استقبلتهم احسن استقبال ولا سيما سلطات محافظة دهوك عبر فريق العمل في المحافظة وبإشراف مباشر من السيد نائب المحافظ، وحددت مدة زمنية وهي 60 يوم يحصل خلالها جميع النازحين على هذه البطاقة، ونحن ايضاً حددنا آلية جيدة للوصول الى النازحين بسرعة قصوى لهذا توجهنا في البداية الى معسكرات إيواء اللاجئين لمصلحة النازح ولتوفير مصاريف ايجار السيارات والتنقل للوصول الى مكاتبنا في المدينة قمنا بالتوجه الى المعسكرات وعملنا في المعسكرات قرابة 15 يوماً الى ان حصل جميع النازحين المقيمين في المعسكرات على هذه البطاقة وبعدها توجهنا الى المناطق المحيطة بالمعسكرات وتوجنا للنازحين الساكنين في الهياكل والقرى والمناطق السكنية ومن بعدها توجهنا الى الاقضية والنواحي الى ان انتهينا منها قبل ايام ومنذ البارحة بدأنا بالعمل في مراكزنا ضمن مدينة دهوك والاقضية الكبيرة مثل زاخو وعقرة، وهؤلاء الذين تشاهدهم الآن واقفين امام مراكزنا اغلبهم ساكنين ضمن مركز المدينة وأغلبهم مستأجرين منازل سكنية.

وفي نهاية لقاءنا وجهة السيد إحسان عبر جريدة التآخي رسالة الى المواطنين جاء فيها " نؤكد لكل النازحين اننا سنصدر البطاقة لكل رب أسرة نازح ولن نترك احد دون بطاقة بالطبع حين يوافي شروط تقديم طلب البطاقة وهذه حق طبيعي له وبموجب العقد الذي بيننا وبين وزارة الهجرة والمهجرين، وهذه تعليمات الحكومة العراقية انه يجب صرف البطاقة لجميع النازحين في عموم العراق، فقد تم الانتهاء من منح البطاقة في المناطق الجنوبية وحتى محافظتي اربيل والسليمانية ايضاً انتهوا من توزيعها، ولكن بسبب كثرة النازحين الى محافظة دهوك حيث يقدر عددهم  بـ 65% من عدد النازحين في عموم العراق وتقدر اعدادهم بـ 125 ألف عائلة نازحة أي ما يقارب المليون و مئتي الف نازح.

في النهاية شكرنا جهود هذه الشركة في تخفيف العبئ على هؤلاء المرحلين قسراً من منازلهم وتوجهنا الى السيد حسين تاتاني رئيس لجنة التربية والتعليم في مجلس محافظة نينوى وسألناه عن آلية التنسيق بينهم كمجلس محافظة نينوى ووزارة الهجرة والمهجرين والشركة العالمية لمنح البطاقة الذكية، كون محافظة نينوى عانت من الهجرة والترحيل قبل الآن حتى بعد احتلالها من قبل منظمة داعش الارهابية وخرج نسبة كبيرة من اهلها وتشتت في العديد من المناطق وبالطبع كانت نصيب دهوك العدد الاكبر من النازحين كون محافظة نينوى على حدود محافظة دهوك ولا تبعد عنها سوى 65 كم.

فأجاب قائلاً " نعم اشكركم على هذا الاهتمام وبدورنا نحن جهة رقابية مكلفة من مجلس محافظة نينوى نراقب ونتابع عمل الدوائر التنفيذية وهذه الشركة العالمية لاصدار البطاقة الذكية للمواطنين النازحين، فقد تابعت عملهم في دائرة الهجرة والمهجرين في منطقة شندوخا حيث بدأ الدوام منذ التاسعة صباحاً لغاية الساعة السابعة مساءً، طبعاً ويعانون كثيراً من شدة الازدحام وكثرة المراجعين وللاسف عدم التزام المواطنين بالتنظيم والانتظار في الطوابير، وفي الحقيقة الشركة تبذل جهوداً كبيرة ويعانون من قلة الموظفين في دائرة الهجرة والمهجرين، فنحن بدورنا نطلب من الحكومة الاتحادية في وزارة الهجرة والمهجرين بتصحيح الاسماء، وكذلك وجود مشاكل مثل عدم وجود التسلسل في اسماء النازحين وحتى في افراد الاسرة الواحدة وحتى عدم وجود اسماء بعض العوائل ولهذا السبب يتراكم المواطنين ونطلب من الوزارة بتخصيص اعداد اكبر من الموظفين لتسريع وتسهيل مهمة تسيير معاملات النازحين ومعالجة هذه الاخطاء، وكذلك قمنا بزيارة فروع ومكاتب الشركة العالمية لمنح البطاقات الذكية في محلة زركا، نجد العمل متواصل خلال الليل فيبدأ الدوام الليلي بعد الافطار من الساعة التاسعة لغاية الساعة الثانية بعد منتصف الليل ولكن الازدحام كثيف وعدد النازحين كثير جداً ويصل نسبتهم الى 65% من مجموع النازحين في عموم العراق أي قرابة 138 الف عائلة عراقية مهجرة ومسجلة ضمن دائرة الهجرة والمهجرين، لهذا بالطبع سيحدث مشاكل وسيخلق فوضى من قبل المواطنين ولهذا تبذل الشركة وعبر مديرها السيد احسان مساعي كبيرة للتسريع من اصدار البطاقة لجميع المراجعين، وسينتهي هذا الازدحام خلال ايام، وبحسب علمي فقد انجز لغاية اليوم فوق 40% من اعداد الاسر النازحة حسب السجلات الرسمية لديهم وتم منحهم البطاقة، اما بالنسبة للمخيمات المحيطة وفي المناطق المجارة لمدينة دهوك فقد شارفت على النهاية واصدرت لجميع الاسر الساكنة في المخيمات البطاقات لهم.

وبعد ذلك توجهنا الى احد المراجعين سليمان عبدالله اسماعيل من قضاء سنجار في محافظة نينوى لاحظنا وجود اضبارة وبداخله اولياته واوليات جميع افراد اسرته وسألناه عن وضعه وهل حصل على البطاقة ام واجهته بعض المشاكل قال ضمن عائلتنا ثلاث متزوجين اي من المفروض ان نحصل على ثلاث بطاقات فقد راجعنا مديرية الهجرة والمهجرين وانجزنا المعاملة ولكن حصلت مشكلة في معاملة والدتي فقد وردت اسمها بالخطأ في سجلات الوزارة وخلال الصباح راجعنا مديرية الهجرة والمهجرين وقد قمنا بتصحيح الخطأ في فترة وجيزة ومن ثم راجعنا كما ترى مركز الشركة العالمية للبطاقة الذكية واتممنا المعاملة ويتم اخذ البصمة بشكل الكتروني ولكن بسبب كبر سن الوالدة لا يقرأ بصماتها في الجهاز، ولهذا تطلب عمل وكالة لها وقمنا بذلك وسنحصل على البطاقة.

بهذا يتم العمل وبجهود مجموعة كبيرة من الموظفين ليحصل كل عائلة مرحلة على بطاقة يمكنه من خلالها قبض 400الف دينار عراقي ليكسب ادنى مستويات المعيشة في ظروف غاية في السوء، طبعاً لا يستهان بما يقدمة الوزارة والمنظمات الانسانية من منح مالية ولوجستية لكافة الاسر النازحة ولكن لن يشفي غليل تلك الاسر ويفرح قلوبهم سوى عودتهم الى ديارهم ومنازلهم وفلاحة اراضيهم والقيام بأعمالهموبناء ما هدمه الحرب والبدء بحياة جديدة فقط ذلك سيشفي غليلهم وسيسر قلوبهم وينتظر المُرحل تلك اللحظة بفارغ الصبر وغداً لناظره لقريب.

 

العدد والتاريخ - العدد والتاريخ: 6931 ، 2015-07-08