Share |

الدستور الجديد يتبرأ من حزب البعث ؟!...بقلم: د.محمد الصويركي الكردي

(أروني وطني قبل أن أفقد بصري إلى الأبد)

اوربيديس اليوناني

الحمد لله، فمن أفواههم ندينهم؟ حاول النظام السوري المتهالك إنقاذ نفسه في عبر طرحه لمسرحية هزلية سماهها "الدستور الجديد" الذي طرحه على (الشبيحة) - وليس على الشعب السوري الحر- للاستفتاء في 26 شباط من الشهر الماضي، ولم يصوت أحرار سوريا على دستور هزلي لا يساوي ثمن الحبر الذي دون به، فنهاية النظام أصبحت وشيكه، والنظام وزمرته يلملمون حقائبهم ودولاراتهم للسفر على متن الخطوط الجوية الروسية إلى موسكو، أما اللذين يراهنون على بقاء النظام فهم حفنة من المغفلين والمنفصلين عن الواقع.
وحتى لا نغبط "الدستور السوري" حقه، فقد حذف الرفاق منه المادة الثامنة التي تقول: ( أن حزب البعث هو قائد الدولة والمجتمع). ونحمد لله كثيراً بأن البعثيين أقروا بفشل حزبهم في قيادة الدولة والمجتمع منذ أن سيطروا على الحكم منذ خمسة وأربعين سنة، وشطبوا اسم الحزب من الدستور الجديد، وهذا أقرار صريح منهم إلى الشعب السوري بأن حزبهم قاد الدولة والمجتمع إلى الغراب والدمار بدل وعودهم بقيادة الدولة إلى التقدم والازدهار، ورحم الله تلك الأيام الخوالي يوم كانوا يتبجحون بشعاراته الرنانة، فلا فض فوهم، وقد اعترفوا بالخطأ ولو جاء متأخراً، وهو فضيلة تسجل لهم- وإن كانوا لا يستحقونها- ونقول بكل مرارة وأسى أن مسيرة حزب البعث والرفاق الذين سيطروا على دمشق مدة خمسين سنة ستبقى سجلا أسوداً حافلا بالمؤامرات والفتن والقمع والدموية في تاريخ سوريا الحديث.
يذكر التاريخ أنه عندما أتم العادل الأيوبي بناء قلعة القاهرة، دعا ابن أخيه السلطان صلاح الدين الأيوبي إلى حفل الافتتاح، وقال له: مبروك لك يا صلاح الدين ولأولادك من بعدك هذا البناء العظيم! عندها دمعت عينا صلاح الدين، وقال بكل مرارة: بل أنا أبارك لك يا عماه ولأولادك بهذا البناء، فقال له العادل: ولماذا يا أبن أخي؟ فأجاب صلاح الدين: لأن النجباء لا ينجبون نجباء مثلهم. وبالفعل صدقت نبؤة صلاح الدين بعد وفاته، فقد تصارع أولاده على الحكم حتى ضاع الملك من بين أيديهم، واستطاع العادل وابنه الكامل وأولاده من حكم الدولة الأيوبية.
سقت هذه القصة التي تنطبق اليوم على بشار الأسد، وللحقيقة والتاريخ فقد كان والده حافظ من ساسة الشرق الأوسط دهاءً وقدرةً على الإنحاء للعاصفة، وكيفية التعامل معها، حتى تمر وتهداء الأحوال. فعندما هددته تركيا عام 1999م طردَّ "عبد الله أوجلان" من أرضه، وفكك حزبه، وسجن أعضائه، ومنعهم من استخدام الأرضي السورية ضد الدولة التركية، ومنذ ذلك الوقت أصبحت العلاقة بين الجانبين (سمن على عسل)، وعندما تحدى رفيقه صدام حسين الغرب نصحه وبراء ذمته في رسالته الشهيرة التي أذيعت عبر المذياع، ثم وقف مع التحالف الغربي ضد الرفيق صدام المحتل للكويت حينذاك، وعندما دمر حماة وقتل نحو (40) ألف سوري، ضحى بأخيه رفعت الأسد وطرده من البلاد... وقد شهد لحنكته وزير الخارجية الأمريكي الأسبق (هنري كيسنجر) حين تحدث قبل فترة وجيزة لإحدى الصحف الغربية بقوله:" أن الوحيد الذي قهرني في الشرق الأوسط هو حافظ الأسد... وأننا أشعلنا الثورات العربية فقط من أجل سوريا وإيران... ولا بد من حرق سوريا من الداخل حتى نحقق أهدافنا...".
كان الأب يعد (باسلاً) لقيادة سوريا من بعده، ولكن موته المفاجئ قصم ظهره، حتى أفضت الأمور إلى طبيب العيون( بشار)، فتم تغير الدستور خلال سويعات لكي يتقلد الحكم، لكن (بشار) الذي راهن عليه الكثيرون في تغير سوريا نحو الديمقراطية والانفتاح على العالم خيب الآمال، فكان أسير العائلة والأخوال والمتنفذين والحزب، وانتهت به الأمور إلى هذه الحالة الراهنة التي لا يحسد عليها، وأصبح بقاءه في الحكم حسب تحليل المراقبين والمتتبعين للشأن السوري مسألة وقت فقط، وبذلك أصبح حتمياً أن يسدل الستار عن حقبة حكم عائلة الأسد الوحشية لسوريا إلى الأبد.
وهنا تتشابه حكاية الأسد الصغير (بشار) بحكاية (أبو عبد الله الصغير) آخر حاكم عربي للأندلس الذي سلم حصن غرناطة إلى القوط المسيحيين، ليسدل الستار بعد ذلك عن الحكم الإسلامي لإسبانيا لمدة زادت عن سبعمائة عام، وعندما سلم أبو عبد الله الصغير مفاتيح المدينة إلى أعدائه أخذ يبكي وينحب، فسمعت أمه صراخه، وحينئذً قالت له:
ابكِ ملكاً مضاعاً مثل النساءِ لم تحافظْ عليه مثل الرجالِ
لعل زوجة حافظ الأسد (أم باسل) ستكرر قول والدة أبي عبد الله الصغير وتقول لفلذة كبدها (بشار) المكنى (بأبي حافظ) نفس الكلمات:
أبكِ....
أنني متيقن برحيل طاغية سوريا وزمرته عن الحكم في الأيام المقبلة، وستكون نهايته – بعون الله- تشفي قلوب العرب والكرد والمسلمين وأحرار العالم، لقد أحرقت قلوبنا على أخوتنا السوريين، وأسأل الله أن يحرق قلبك؟ وأبشرك بالقتل ولو بعد حين! وعندها سيشفي الله قلوبنا....
عندها سنقول: سبحان الله، قاصم الجبابرة، ومذل المتكبرين والطغاة!!!!
... لكن لا أحد يتعظ من قصص التاريخ؟؟؟؟؟!!!