Share |

الفنان التشكيلي عبدالغفور حسين :" فالذي بيني وبين الرسم عشق ابدي، لا استطيع الابتعاد عنه "

اثناء الحوار

 

حاوره وترجمة عن الكردية :هوزان أمين -عتدما نجد فناناً تشكيلياً معروفاً بهويته الفنية، ولكن معدوم من الهوية المدنية، عندما يستطيع المرء رسم مئات اللوحات ، مطرزة بفكر وتعبير ذو معنى عميق ،

والوان وابداع جميل ، ويشد انتباه من حوله ، انه الفنان التشكيلي السريالي عبدالغفور حسين ، هذا الفنان المخفي ولا يحب الظهور تحت الاضواء ، يعمل بصمت ، لمعرفته يجب اولاً ان نشاهد اعماله ، هي وحدها القادرة على تعريفه . لاجل تسليط الضوء عليه ومعرفته عن كثب، زرنا مرسمه في مدينة دياربكر ( تركيا) ، ، حيث رحب بنا وجاوب على اسألتنا برحابة صدر .

-           في البداية حبذا لو تعرفنا بفسك ؟

-          انا عبدالغفور حسين من مواليد مدينة القامشلي عام 1964 ، خلقت اجنبياً على ارضي ، ولم احمل هوية شخصية ، واصبح لي في مدينة دياربكر قرابة الخمسة اعوام ، تعلمت فن الرسم منذ نعومة اظافري ومن تلقاء نفسي ، وعرضت اعمالي في معارض كثيرة في سوريا وتركيا .

-             -حبذا لو تحدثنا عن بداياتك، ما هي العوامل التي دفعتك الى الرسم ؟

-           منذ صغري احببت الرسم وكنت احس في ذاتي ان الخطوط التي ارسمها على الورق تصبح ذو معنى وجميلة ، ثم بدأت برسم ما يحيط بي من طبيعة ، ومع الوقت تطورت الفكرة لدي ، حتى بدأت بعمل بورتريهات شخصية ، كنت اشعر في ذاتي انه هناك شيء يشدني الى التقاط الفرشاة والرسم ويربطني معه ، ثم تحولت تلك العلاقة الى حالة من العشق الابدي ، ولم يبقى بمقدوري الابتعاد او الانفصال عنه .

-           يعني ان الموهبة تخلق مع الشخص ، وهي روحية ربانية، ولكن كيف نميت تلك الموهبة وطورتها ، هل بالرسم فقط ام هناك عوامل اخرى خارجية ؟

-          نعم كلما رسمت لوحة ، كنت اتعمق و يزداد حبي لها، وكان يدفعني هذا الى خوض الرسم بشكل مكثف، هذا بالاضافة الى علاقاتي مع بعض الفنانيين ورفاق الدرب في منطقتي ، ومحاولاتهم الحثيثة لتشجيعي بعد مشاهداتهم لاعمالي حيث لفتت اعمالي نظرهم بشدة ، كما ان الاطلاع على الفن التشكيلي العالمي ، هما ايضاً عوامل دفعتني الى التقدم .

-           عندما نشاهد اعمالك نجدها تتسم بطراز الفن السريالي ، ومعلوم مدى صعوبة هذه المدرسة الفنية، وصعوبة فهم محتوى تلك الرسوم ، لماذا اخترت السريالية دون غيرها من فنون الرسم سواء كانت تعبيرية او انطباعية ....الخ؟

-          نعم في البداية رسمت الطبيعة ومن ثم بورتريهات شخصية ، وجدت ان تلك الاعمال لا تشبع رغباتي، وكنت اريد ان اعبر عن افكاري بطريقة مختلفة نسبياً ، هذا يشبه الى حد ما ، الشعر الكلاسيكي والحديث ، حيث مع الزمن استطاع الشعر التخلص من قيود الوزن والتفعيلة وتحولت الى قصيدة حرة، انا ايضاً كنت احس ان تلك الاعمال تحد من خيالي ولا يتحمل افقي الفني، عندها تركت تلك المدارس الاخرى وبدأت بالرسم على الطريقة السريالية حيث وجدت ضالتي، وتغلغلت الى عمق الفن، حيث ارغب في اظهار مأسي مجتمعي عبر اللوحات التي ارسمها وبالالوان التي ارغب بها واعرضها للمشاهدين .

-            حسننا اذاً هل وصل بمجتعاتنا الى فهم هذه اللوحات واستخلاص العبر منها ، وهل يتقبلها اعين المشاهدين؟

-          بصراحة لا هذا النوع من الفن عميق وصعب الفهم للوهلة الاولى ، لان السريالية واسع ومفتوح على كل الجوانب، فالنظر الى لوحة طبيعية مؤلفة من ازهار واشجار وانهار وجبال، مألوفة وليست مستعصية ، لهذا يجب علينا ان نسير وفق مستوى مجتمعاتنا ايضاً، حتى اذا رسمت لوحة سريالية يجب ان آخذ مستوى وعي المجتمع بعين الاعتبار ، فنجد مثلاً ان المجتمعات الاوربية تتقبل هذا الفن ولو باصعب تعبيراتها ، لهذا واجب علينا نحن الفنانين ان نساهم في رفع مستوى مجتمعاتنا ، وعلينا تعليمهم ان الفن ليس كل ما تشاهده امام عينك هناك ما وراء ذلك يجب ان تعلمهم اياها، بالطبع المجتمعات الغربية ايضاً لم تصل الى هذه المستويات من الرقي دفعة واحدة بل مرة بمراحل متعددة بلغت مئات السنين .

-           هل تجد انه من الضوري التزام الفنان بمدرسة فنية معينة ضرورة لتطوره وتقدمه ؟

-          لا ليس بالضرورة ، ولكن حسب وجهة نظري، الفنان الذي يقوم بعمل ابداعي عليه ان يخصصها بهوية محددة ، ولكن هذا لا يعني ان لا يرسم اشياء اخرى ، ولكن عليه ان يعرف في أي طريق يسير وبماذا يجد نفسه .

-          -حبذا لو تتحدث لنا عن ابرز نشاطاتك ومعارضك على الصعيد الفردي والجماعي ؟

-          نعم في سوريا كنت ارسم كثيراً ، وافتتحت العديد من المعارض ، ولكن كما تعلمون ان النظام الحاكم في سوريا كان يحد من افكارنا ويغلق الطرق امام خيالنا وافقنا الواسع ، لهذا عندما تشعر بالظلم وبمجتمع مقيد ، ونظام يضع الحدود للابداع ، وحتى يتدخل في عرض اللوحات والمعايير اللازمة في اللوحة حتى تعرض ، بالطبع هذا مؤلم بالنسبة لي وبالنسبة لجميع المبدعين في كافة الشؤون، فالفنان يجب ان يكون حراً ويعمل دون قيود ، هذا بالاضافة الى وجود اسباب مادية ، رغم كل ذلك شاركت في 58 معرضاً منها 38 معرضاَ فردياً في العديد من المناطق بسوريا ، ونلت بموجبها على 10 جوائز تقديرية ، وكان احداها في عام 2005 حيث حصلت على الجائزة الاولى على صعيد سوريا عامة ، بعدها قدمت الى دياربكر ( آمد) وافتتحت لغاية اليوم 8 معارض ، وشاهدت من خلال تلك المعارض ان هذا الفن لا يشد انتباه الزائر ، لهذا احاول ان اعلم هذا الفن الى الموهوبين والراغبين في تنمية مواهبهم ، ولدي مرسم الآن كما تشاهد وعندي 12 طالب وطالبة يتعلمون عندي ، وهم بدورهم سيعلمون الاخرين في المستقبل .

-           هل من كلمة اخيرة توجهها في نهاية لقاءنا هذا ؟

-          نعم اشكركم جداً ، واتمنى من الناس ان يسألوا عن اللوحة ومعانيها اذا شاهدوا لوحة سريالية من واجبنا ان نشرح لهم ونساعدهم على فهمها، كما لدي تمني على الجهات المعنية في اقليم كردستان، سواء من وزارة الثقافة او غيرها من المؤسسات الفنية ، فإن رغبت في دعوتي الى هناك لاعرض اعمالي  فسألبي دعوتهم بكل رحابة صدر ، بعدما سمعت ان هناك نشاطات مستمرة وصالات عرض متطورة في الاقليم.

 

جريدة التآخي - العدد والتاريخ: 6419 ، 2012-10-07