Share |

الكاتب الكوردي آرزن آري .. يلقي عصاه اخيرا ويتوسد الارض التي احبها

اثناء تشييع جنازة الراحل آرزن آري في دياربكر
اثناء تشييع جنازة الراحل آرزن آري في دياربكر

 

هوزان أمين - دياربكر

فقد الادب الكردي احد كتابه الكبار، انه الكاتب والشاعر آرزن آري بعد صراع مع مرض السرطان، فقد اغلق عينيه على الحياة في ظهر يوم الثلاثاء 30-10-2012 في مستشفى سيران تبه بمدينة دياربكر بشمال كردستان .

 حين ذياع خبر وفاته سارع الكتاب والمثقفون الكرد في دياربكر والمدن المجاورة الى المستشفى ، حيث نقل جثمانه الى منزله لالقاء النظرة الاخيره عليه من قبل عائلته وذويه ، ومن ثم نقل الى مقبرة يني كوي ، حيث ودع في اليوم التالي من قبل نخبة كبيرة من المثقفين الكرد في دياربكر وخارجها و بمراسيم رسمية اعدت من قبل بلدية دياربكر و جمعية الادباء الكرد في ديربكر وبمشاركة  مؤسسات ثقافية وادبية ومشاركة جماهيرية واسعة .

بحسرة كبيرة ودموع الالم على شاعر غادر في اوج عطائه ، غادر دون وداع و على وجوههم الاستغراب من فراق عزيز بهذه السرعة ، القيت كلمات رثاء عليه من قبل عائلته التي شكرت كل من واساهم وشاركهم احزانهم وآلامهم ، و بالشعر القاها الشاعر احمد الحسيني وفاض الدموع من عيون الجميع بإسم اصدقاء الراحل ، كما القيت كلمة بإسم جمعية الادباء الكرد في دياربكر من قبل رئيسها شيخموس سفر اشاد فيها بمناقب الراحل وابدى اسفه على هذا القدر العجيب، ثم القيت كلمة بإسم اتحاد الادباء الكرد – فرع دهوك ، القاها رئيس الاتحاد حسن سليفاني ، حيث اشاد فيها بالشاعر ومناقبه بإسلوب نثري مأثر ، ثم القى رئيس بلدية دياربكر اوصمان بايدمر كلمة مقتضبة عن الشاعر وحبه للوطن والحرية ، وقال سنأتي اليك يوماً ونزورك على قبرك ونبلغك بشرى تحرير كردستان باجمعها حيث كان حلمك، والقيت كلمات اخر ثم وارى الثرى وبالورود التي زينت فيها قبر الراحل انتهت المراسيم ، على امل ان يكرم الشعراء ويعطى لهم اهمية في حياتهم قبل وفاتهم  .

حياته :

ولد الكاتب آرزن آري في قرية جالي التابعة لمحافظة ماردين عام 1956 ، انتقلت عائلته الى مدينة نصيبين وهو مازال صغيراً، درس الابتدائية والاعدادية في نصيبين ومن ثم انتقل الى مدينة دياربكر حيث درس معهد التربية ، قسم اللغة التركية وتخرج منها، كان كما معظم ابناء جيله حيث كتب في بداياته باللغة التركية ، ونتيجة المامه بالكتابة وحبه للثقافة ، واحساسه المرهف بالظلم والقهر الذي يعانيه ابناء شعبه على يد الطغاة الاتراك ، اعتقل وزج في السجن نتيجة توزيعه بيانات مناهضة للحكومة عام 1976 ، وكذلك تم ضبط قصائده التي كتبها باللغتين الكردية والتركية ، ثم افرج عنه بعد فترة ولكن لم يفرج عن قصائده التي لا زالت مخزنة في محاكم الدولة التركية بنصيبين، واظب على الكتابة ولم يستسلم حيث نشرت قصائده الاولى باللغة الكردية في مجلة ( تيريز) أي الشعاع .

 وبعد الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال كنعان ابفرن في 12 ايلول من عام 1980، لم يغادر بلده كما فعل ابرز السياسيين والمثقفين الكرد حيث سلكوا دروب الغربة والمنفى ، ولكنه لم يبرح بلده نظراً لحبه وتعلقه بها، واصر على البقاء مهما كانت التضحيات، واستمر في الكتابة والنشر حيث تصدرت قصائده اكثر المجلات والجرائد الكردية في الخارج وبعض المجلات التي كانت تصدر بسرية آنذاك، مثل ( بربانغ – كردستان برس- نودم- جرا ...الخ) حتى اصبح هدفاً للاستخبارات التركية ، واطلق عليه النار امام باب منزله في نصيبين عام 1992 وجرح جروح بليغة آنذاك واسعف الى مسشفى دياربكر ، وانقذ حياته بصعوبة بالغة، ومنذ ذلك الوقت انتقل الى مدينة دياربكر واستقر فيها الى يوم رحيله .

 

ابرز نتاجاته:

لقد تميزت نتاجاته الشعرية بالحيوية والبساطة إضافة إلى الأصالة والرقة والعذوبة ، حيث كتب عن الحب والشوق واللوعة وعن الانثى والجمال كما كان للوطن مكاناً في قصائده واخذت حيزاً واسعاً منها  . حيث اصدر له العديد من الكتب والدوواين الشعرية جميعها باللغة الكردية ، اولها ديوان شعر بإسم ( خبأوا قبلتي في احدى الوديان) عام 1999 واستمر بالكتابة والنشر حتى اصدر له ثلاث دوواين اخرى لغاية عام 2006 ، ومن ثم اصدر له اتحاد الادباء الكرد فرع دهوك كتاباً ضخماَ تحت عنوان ( انطولوجيا شعراء الشمال ) ويقصد بها الشعراء الكرد في شمال كردستان ( تركيا) عام 2008 .

واستمر بنشر قصائده في دوواين شعرية من قبل اكثر دور النشر شيوعاً وشهرتاً في تركيا ، حتى اصدر له اول مجموعة قصصية ، جمعت بعض القصص القصيرة والتي احتوت على مذكراته منذ نعومة اظافره ، والانقسام الحاصل في جسد الجغرافيا الكردية نتيجة الحدود بين كرد تركيا وسوريا واسماها ( السفرجلة التي وراء الحدود) عام 2010، ومن ثم اصدر له مجموعتين شعريتين بإسم ( خريف الكلمة ) عام 2011 و زهور اللوز عام 2012 ، وكانت خاتمة نتاجاته ، وقد كان الراحل غريز الانتاج وكثير القراءة والكتابة ومشاركاً في اغلب المحافل الثقافية في كردستان تركيا والعراق وحتى في اوربا ، وكان ما زال بحوذته بعض المخطوطات التي كان يأمل ان يطبعها في المستقبل، و كانت له زاوية ثابتة اسبوعية في جريدة ( حرية الوطن) اليومية التي تصدر في مدينة دياربكر ، وقد كان ملماً بالكتابة والشعر الى آخر ايام حياته حيث كان يكتب وهو على سريره في المستشفى .

 

 

جريدة التآخي -العدد والتاريخ: 6434 ، 2012-11-04