Share |

شخصيات كردية من جمهورية أرمينيا السوفيتية (القسم الثاني) ... بقلم:الدكتور.محمد علي الصويركي

مقـدمـة.

 

     ظهر من بين كرد جمهورية أرمينيا أيام العهد السوفيتي نخبة من الأدباء والشعراء والكتاب والمسرحيين والعلماء والأكاديميين والمؤرخين واللغويين والسياسيين والفنانين والفنانات وذلك أيام احتضنها للثقافة الكردية لمدة سبعين سنة في ظل الحكم السوفيتي (1920-1990م).

     من أبرز هؤلاء الأعلام: د. عرب شمو، د.حاجي جندي، أميني عفدال، د.قناتي كوردوييف، جردو كينجو، وزير نادري، د.جاسم جليل، عتاري شرو، أحمد ميرازي، قاجاغ مراد، يوسف بكو، علي عبد الرحمن، نادو ماخمودوف، د. جليلي جليل، ميرو أسد، خليل مرادوف، جلادت كوتو، د. عسكر بوييك، جميلة جليل، د. أوردخان جليل، والمثقفة نورى بولاتبيكوفا، والقائد الكردي الشهير شمو تيموروف، ومن الفنانات: أصليكا قادر، فاطمة عيسى، كولا أرميني، سوسكا سمو...وغيرهم. وهنا سنعرض سيرة بعض من توفر لنا عنهم من معلومات، ونعتذر للبقية لعدم توفر المعلومات الوافية عنهم، مع تقديرنا لجهود الجميع في خدمة الثقافة الكردية.

 

البروفيسور حاجي جندي جواري

(1326-1411هـ = 1908-1991م)

حاجي جندي جواري: كاتب، إعلامي، أكاديمي، مترجم. من أشهر أكراد أرمينيا، ينتمي إلى الطائفة الإيزيدية، ولد في شهر آذار من عام 1908م من أسرة فقيرة تعمل في الزراعة في أطراف منطقة قارص بكردستان تركيا، اضطرت أسرته الى الهجرة والهرب الى أرمينيا بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى 1914م، وفي عام 1919 عادوا الى قريتهم التي دمرت نتيجة الحرب الروسية التركية، لكنه فقد أسرته، وأصبح يتيماً، ودخل دار الأيتام ودرس الابتدائية فيها، ثم هاجر قسرياً الىيريفان عاصمة أرمينيا للمرة الثانية،وهناك درس في معهد التربية حتى تخرج منه عام 1929م، وأصبحمعلماً يدرس التلاميذ في القرى الأرمنية، وبعدها تعلم لغته الأم وأصبح يترجم الكتب الأرمنية إلى اللغة الكردية.

     في عام 1930م قبل في كلية الآداب بجامعة يريفان وخلال دراسته فتتح المعهد التربوي الكردي في ما وراء القفقاس، فأنتسب إليه واخذ يدرس اللغة الكردية، وفي تلك السنوات بدأت جريدة (ريا ته زه= الطريق الجديد) بالصدور فترأس حاجي جندي مسؤولية الصفحة الأدبية فيها، وكذلك أصبح مسئولا ومذيعاً في الإذاعة الكردية في يريفان بين أعوام (1933 - 1937م). كما لعب دوراً بارزاً في انجاز أول كونفرانس للتعريفبالشعب الكردي في يريفان حيث حضره العديد من المثقفين الروس والكرد من جمهوريات آسيا الوسطى عام 1934م. وانضم الى المؤتمر الأول لإتحاد الكتاب السوفييت عام 1934م وأصبحعضواً فيه، وفي عام 1937م اعتقل بتهمة العلاقة مع أعداء الاتحاد السوفييتي وبقي في السجن مدة عام الى أن أطلق سراحه، وكان مرشحاً العلوم التاريخية عام 1940م.

    أسسعام 1959م قسم الاستشراق الكردي في الاكادمية العلمية الأرمنية (معهد الاستشراق)، وترأس هذا القسم واستمر يدرس فيه حتى عام 1961م، وفي عام 1964م تخرج من الجامعة ونال شهادة الدكتوراه في الأدب الكردي، وأصبح بروفسوراً عام 1966م،وغدى محاضراً للغة الكردية في قسم الآداب بجامعة يريفان، وبقي يعمل فيها حتى وفاه الأجل فيها عام 1990م.

    أما بخصوص أنتاجه الفكري، فقد ألف خلال مسيرته الشاقة العديد من الروايات والقصص الكردية، وترجمالعديد من الكتب الروسية الى اللغة الكردية، وألّف عدداً من الكتب المدرسية والسياسية والاجتماعية، مثل: (القاموس الأرمني- الكردي) بالاشتراك، وترجمت بعض مؤلفاته إلى الروسية والأرمنية والعربية، حتى بلغمجموعة مؤلفاته أربعين كتاباً .

    فخلال سنوات الحرب العالمية الثانية 1944 انتهى من تدوين أهم مؤلفاته وهو كتاب:(فولكلور الكرمانج) باللغة الأرمنية، وطبع في مجلدين (770) صفحة بالتعاون مع الكاتب أمين عفدال، وهو عبارة عن ديوان شامل للقصائد الكردية الكلاسيكية، والقصص الكردية، وأهم عوالم الأدب الكردي وشخصياته، مع شرح وتفسير مفصل لتلك النصوص، وقد ترجمه مؤخراً الكاتب توسني رشيد الى اللغة الكردية، من قبل دار آفيستا للنشر باسطنبول، وبهذا العمل أنقذ الفولكلور الكردي وحفظ أهم الملاحم الكردية الأدبية من الضياع، وقد أثنى عليه القاضي محمد رئيس جمهورية مهاباد بعد صدوره.

    من مؤلفاته الأخرى: (كادر أو كولوكي سليمان سلفي) وهي ملحمة شعبية كردية، يريفان،1941م، و(الفولكلور الكردي) يريفان، 1947م، و(أدب أكراد أرمينيا السوفيتية)، يريفان. 1956 (باللغة الأرمينية)، و (الملحميات البطولية الكردية: مم وزين)، يريفان، 1956، باللغة الأرمنية، و (دراسات في الأدب الكردي بأرمينيا السوفيتية)، يريفان،1970، و (الأساطير الشعبية الكردية)، يريفان،1969م، و (الملحمة الكردية: رستم زال)، يريفان، 1977م. قام الدكتور إسماعيل حصاف بترجمة روايته (هوارى) الى اللغة العربية بعنوان (وجاء الربيع). وتبقى رواية "الصرخةHewar=" التي ترجمت إلى العديد من اللغات، أفضل أعماله على الإطلاق. وهي تعالج آلام ومآسي الشعب الكردي، وذلك من خلال تناولهلحياة عشيرة إيزيدية (عشيرة سبكا).

   في عام ١٩٣٢ أصدر مسرحية "علبة دوائين=Qutya dû dermana )، ومسرحية (ميراز).

   قامت رابطة كاوا للثقافة الكردية في بيروت بنشر كتابه المشترك مع أوردخان جليل وجليلي جليل:(قصائد من الفلكلور الكردي)، من ترجمة وتحقيق ولاتو عام 1982م.

    حصل حاجي جندي على عدة أوسمة من الاتحاد السوفييتي السابق. وشارك في مؤتمر كتاب آسيا وأفريقية الذي انعقد في طشقند بكازاخستان، وشارك في أعمال المؤتمر الخامس والعشرين للمستشرقين الذي انعقد في موسكو عام 1960م.

     تكريماً له أقام اتحاد أدباء الكرد فرع دهوك بكردستان العراق بتاريخ 22/12/2008م احتفالية مئوية بمناسبة ولادة حاجي جندي الذي حفر أخدوداً في ذاكرة الثقافة الكردية، لما قدم نتاج أدبي رفيع من قصة ورواية وترجمة ومساهمة في جمع الفلكلور الكردي، وفي هذه الاحتفالية عرضتبحوث ودراسات حول حياته وأعماله ونتاجاته، وعرض فلم وثائقي عن حياته. وجرى تكريم ابنته (فريدة) القادمة من أرمينيا، وحضر الحفل عدد غفير من المشاركين والمدعوين من داخل كردستان وخارجها (4).

 

الدكتور عسكر بوييك

(1359هـ-   = 1941-  )

الدكتور عسكر  بوييك: أكاديمي، باحث ومؤلف. من أكراد من أرمينيا.  حصل على شهادة الدكتوراه في مجال الاقتصاد الريفي عام 1974م. وبعدها أصبح رئيساً لأحد أقسام المعهد الذي سبق وأن عمل فيه، وإلى جانب ذلك عمل بصفة أستاذ محاضر في معهد يريفان للاقتصاد الاشتراكي الريفي حتى منتصف عام 1993، و بسبب الممارسات الشوفينية لبعض السلطات الأرمينية في فترة ما بعد انهيار الإتحاد السوفيتي السابق اضطر إلى السفر إلى خارج أرمينيا. حيث أقام لمدة سنتين في (الماتا) عاصمة كازاخستان.

      وإلى جانب المجال العلمي، فأن عسكر ومنذ أيام الدراسة كان ينشر المقالات والقصائد الشعرية في الصحف والمجلات المختلفة.

     من أهم أعماله ونتاجاته: (طريق المشاة)، وهي مجموعة شعرية، 1965م. و ديوان (أزهار الجبال)، مجموعة شعرية،1975. طبع و ترجم إلى اللغتين الكردية والتركية في كل من استانبول وستوكهولم. و(سنجو يزوج ابنته)، مسرحية، يريفان،1979م. و(مم و زين)، مسرحية، ستوكهولم،1989م. و(الشعاع)، مجموعة شعرية، نشرت في مجلة (به هار)، يريفان، 1987م. (في الجبال)، قصص قصيرة، يريفان،1991م. و(دعاء الفجر)، مجموعة شعرية، ستوكهولم، 1997. (غرفة القصص)، أدب للأطفال، استوكهولم، 1997م. و(الأزهار ألجريحة)، مجموعة شعرية، ألمانيا، 1998م. و(رقصة الحروف)، قصائد شعرية للأطفال، ألمانيا، 2002م.

    له: (نورا ئه له كه زى)، وهي دراسة أدبية حول النتاجات الأدبية لأكراد أرمينيا، و(عرب شمو ـ حجي جندي ـ شكو حسن ـ فيريكى يوسف ـ و حول مسرح ئه له كه ز )، اولدنبورك ـ ألمانيا، 2004م . و(قصص غرفتنا)، مجموعة قصص قصيرة، هولندا، 2004م. و(غضب الله)، رواية ـ الجزء الأول، استانبول ـ دار النشر ده نك، 2004م. و(الإعصار)، رواية. و(مذكرات كردي مهاجر)، رواية. والجدير بالذكر أن الروايتين الأخيرتين نشرتا في حلقات متتالية ما بين أعوام 1999 ـ 2002م في الصحف التالية: هيفي، اليوم الجديد، والعهد الجديد. و (سليم بك)، مسرحية، نشرت في مجلة الربيع الجديد، 1995م. و(الشاعر جكرخوين)، دراسة حول دواوينه وأعماله الأدبية، مجلة ده نك، 2003م.  و(أكراد كازاخستان)، بالاشتراك مع عزيز زيو ئالييف، الماتا، كازاخستان، 1995م. وهذا الكتاب هو أول دراسة وبحث يجري ويتحقق عن أولئك الأكراد، وقد اعتمد الباحثان على وثائق ومصادر من أرشيف مركز المخابرات السوفيتية للسنوات 1937 ـ 1944 الخاصة بنفي وترحيل الأكراد من أذربيجان وجورجيا إلى آسيا الوسطى.  وبالاشتراك مع البروفيسور كنيازي إبراهيم اصدرا ستة أعداد من مجلة (كرد) التي سميت فيما بعد (نووبار) في الماتا، كازاخستان. وقد توقفت هذه المجلة عن الصدور بعد خروج بوييك من كازاخستان. وبالاشتراك مع الشاعر و الكاتب كارلينى جاجان عملا لعدة سنوات في تحرير المجلة الأدبية ( به هار) الخاصة بنشر نتاجات وأعمال الكتاب الكرد في أرمينيا.

      في عام 1984 أصبح عضواً في اتحاد كتاب الإتحاد السوفيتي، وعضوا في اتحاديي الكتاب الأرمني والكازاخستاني. وقد شغل مدة 25 عاماً في منصب أو صفة سكرتير قسم الكتاب الكرد، المتواجد مع قسم الكتاب الأرمن، و كان كارلينى جاجان هو المسؤول عن القسم الكردي.

     تم عرض وتقديم خمسة من أعماله المسرحية التي ألفها وكتبها بوييك على صالات مسارح كل من ئه له كه ز ـ تبليس ـ ألمانيا. أما مسرحية (سنجو يزوج ابنته) فعرض في المعهد الكردي في باريس، وقد تم تصوير و إخراج مسرحية (مم وزين) في كاسيت فيديو من قبل (كومكار). بالإضافة إلى العشرات من المقالات، والقصائد، والقصص القصيرة، والبحوث العلمية والتاريخية والفلكلورية والأدبية التي نشرت في مختلف الصحف الكردية وغيرها. ويعمل اليوم  في هيئة تحرير مجلة (ده نكى ئيزدييان).

     له عدة أعماله جاهزة للطبع: مجموعة شعرية. مجموعة قصص قصيرة. بحث ودراسة بعنوان (الايزدياتي والفرمانات السوداء وحملات الإبادة التي شنت عليهم). و(المقاومة البطولية لميرزكى زازا)، ورواية (غضب الله) الجزء الثاني (5).

 

البروفيسور قناتي كوردوييف

(1326- 1405هـ =1909-1985م)

http://www.sotakhr.com/2006/typo3temp/pics/b20eef362b.jpg

العلامة الدكتور قناتي كوردو (كوردوييف)، واسمه الحقيقي قنات بن كوردو بن كلش بن خضر، ينحدر من عشيرة (شرقي)، وأمه غزال بنت نادر بن جولو من عشيرة (روزهكي): وهو عالم لغوي شهير في الاتحاد السوفيتي السابق، وفي جميع أنحاء كردستان.

     ولد في قرية (سوسز ) في منطقة (قاقزمان) التابعة لإقليم (قارس) في كردستان تركيا بتاريخ 21/9/1909م، وكان والده قرويًّا فقيراً من أتباع الديانة الإيزيدية،عندما انتصر العثمانيون على الأرض في أواخر الحرب العالمية الأولى سنة 1918م عانى سكان شرقي تركيا من أرمن وأكراد إيزيديين من الظلم والقهر والاضطهاد العثماني، فهاجروا وكان من ضمنهم أسرة (قناتي) وأهل قريتهم الى منطقة (آباران) في أرمينيا التابعة لحكم روسيا، فنزلوا في قرية (كوربلاخ) التي كان يسكنها الكرد، وهناك عمل والده حمالاً لكسب القوت اليومي للعائلة، ثم توجهت أسرته في سنة 1920 إلى جورجيا لتستقر في العاصمة (تفليس)، فأخذ والده يكدح طوال النهار من أجل لقمة العيش إلى أن توفي في مطلع سنة 1921م، فكفلت أمه تربيته وإعالته إلى أن أقعدها المرض، فاضطر حينئذ الطفل (قناتي) البالغ من العمر 12 سنة إلى كسب القوت اليومي للعائلة، فعمل صباغاً للأحذية، وحمالاً.

    بدأ بالتعلم في مدرسة الأستاذ الأرمني (هاكوب كازاريان) المعروف بـ (لازو) سنة 1921م، حيث فتحها خصيصاً لأبناء الفقراء واليتامى من الكرد، ليعلمهم اللغة الكردية بالحروف الأرمينية، وتعلمهم زوجته اللغة الروسية.

    بعد أن أنهى (قناتي) دراسته الابتدائية في مدرسة (لأزو) سنة 1928، سافر الى مدينة لينينغراد (بطرسبورغ الحالية) ليقبل مع لفيف من الطلبة الكرد في خريف تلك السنة في (كلية العمال) فأنهى دراسته فيها سنة 1931م. وقُبل نهاية السنة نفسها قبل مع اثنين من زملائه في (كلية اللغات) بجامعة لينينغراد، فدرس فيها اللغات الشرقية كالكردية والفارسية والبلوشية والإيرانية القديمة ونظريات قواعد اللغة حتى تخرج منها سنة 1936 وحصل على شهادة الدبلوم، وعين مدرساً للغة الكردية في نفس الكلية عندما كان طالباً عام 1938، وأصبح أستاذاً لقواعد اللغة الكردية لطلبة القسم الإيراني، وفي نفس الفترة صار باحثاً علميًّا في القسم الإيراني لمعهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم السوفيتية،وشارك في نشاطات الكلية وأصدر جدارية بعنوان (الطالب الكردي) باللغة الكردية.وقُبل في العام نفسه في قسم الدكتوراه، فأنهى دراسته العليا وحصل على شهادة الدكتوراه بعلم اللغة عام 1941م، فعين في (معهد الاثنوكرافيا) التابع للأكاديمية العلمية السوفيتية.

    إلا أن هذا المعهد الاثنوغرافي تعطل عن الدراسة في شهر آب من تلك السنة بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية بين الإتحاد السوفيتي وألمانيا النازية، فأرسل الدكتور قناتي كوردو الى (معامل الشفق الأحمر) وبقي فيه حتى شهر شباط سنة 1942م، وعندما حوصرت مدينة لينينغراد من قبل قوات الجيش النازي اشترك الدكتور قناتي في دورة ضباط المدفعية وعمل في شهر آب 1943 إلى تشرين 1945م كضابط في القوة الجوية السوفيتية والمدفعية المضادة للطائرات الحربية، فحارب الألمان في مناطق جمهوريات البلطيق(استونيا، لاتيفيا، ليتوانيا)، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهزيمة الألمان، وتقديراً لشجاعته منح وسام (النجمة الحمراء) تقديراً لجدارته في الدفاع عن وطنه الاتحاد السوفيتي.

   انتمى البروفيسور قناتي كوردوييف الى الحزب الشيوعي في شهر مارس 1945م، وعين بعد انتهاء الحرب عند عودته الى لينينغراد أستاذا لمادة اللغة الكردية في كلية الاستشراق: قسم اللغات الشرقية في نفس الجامعة، فدرس اللغة الكردية لطلبة قسم الدراسات الإيرانية، وأصبح سكرتيراً للجنة منظمة الحزب الشيوعي في معهد الدراسات الشرقية من سنة 1947 الى 1960م، وفي تلك المدينة العريقة عمل مع كل من اسحق توسكرمان والسيدة ماركريت رودينكو في الدراسات الكردية في القسم الإيراني التابع لمعهد الدراسات الشرقية، وتحول القسم الكردي للدراسات بجهود رئيس معهد الاستشراق البروفيسور (يوسف اوربيلي) الى قسم مستقل، حيث خلفه قناتي في منصبه هذا فيما بعد، فخدم ذلك القسم خدمة جلى.

    واصل الدكتور (قناتي) دراسته العليا الاختصاصية حتى حصل على شهادة (دكتوراه ناووك) أي (الدكتوراه العلمية) عام 1968م، وأصبح لقبه العلمي بروفسورا، ورئيساً للقسم الكردي، وظل يخدم اللغة الكردية وآدابها وتاريخ الكرد وكردستان إلى أن توفى في لينينغراد بتاريخ 31/10/1985 عن عمرٍ ناهز السادسة والسبعين عاماً، ودفن في مدينة (لينينغراد)، وبوفاته خسر الكرد عالماً لغوياً ومؤرخاً وأدبياً غزير الإنتاج.

    له نتاجات علمية وأدبية وتاريخية ولغوية وفلكلورية بدأ بها سنة 1930م، ونشر العديد من الدراسات والأبحاث والمؤلفات الرصينة، منها: (تحوير تاريخ الكرد في علم تاريخ برجوازية فارس)، منشورات جامعة لينينغراد، 1945م.(نقد الأفكار الخاطئة حول اللغة الكردية)، موسكو، 1955 بالروسية، (قواعد اللغة الكردية)، يريفان، 1956 بالكردية والروسية، (قاموس اللغة الكردية) للمدارس، موسكو، 1957، (الكرد في كتاب أمم الشرق الأوسط)، 1957، و(قاموس كردي- روسي)، 1960، بالكردية، (قصص وملاحم كردية)، موسكو، 1962، بالكردية، (أغاني وملاحم كردية)، يريفان، 1969، (القاموس الكردي- الروسي)، موسكو، 1983، وهو يتضمن نحو 25 ألف كلمة، (قواعد اللغة الكردية) باللهجتان الكرمانجية الشمالية والجنوبية، 1978، بالروسية. ( الكرد السوفيت في الأدب الكردي)، و(تكوين الكلمة الكردية)، و(أحمد خاني ونتاجاته الأدبية)، و(الآراء والأفكار البطولية في أدب أحمد خاني).

    خلال تحضير عرب شمو لرسالة الدكتوراه في لينينغراد نشر بالاشتراك مع د. قناتي كوردوييف وتسوكرمان ثلاثة أبحاث لغوية هي:"حول المضاف و المضاف إليه في اللغة الكردية"، ,في مجلة الثورة والكتابة، 1933, العدد1، (16) ص51 - 58. و"حول حروف العلة في اللغة الكردية" في مجلة الثورة والكتابة، الجزء الأول , موسكو - ليننغراد, 1933 ص 179 – 180. و" مسألة التأنيث والتذكير في اللغة الكردية", مجلة الثورة والكتابة، الجزء الأول, موسكو، ليننغراد , 1933 ص 160 – 178 , 4 جداول.

  له أبحاث في الفلكلور الكردي مثل: (قلعة دمدم: ملحمة البطولة الكردية)، و(سيفا حاجي: الملحمة الرومانتيكية الكردية).و(خجادور ابو فيان المستكرد والاثنوكرافي)، نشر في مجلة أخبار الأكاديمية العلمية لأرمينيا السوفيتية عام 1955 (6).

أحمد ميرازي

(1899- 1961م)

احمد شويش ميرازوف ميرازي: كاتب، وشاعر، ومغني. يحتل مكانة مرموقة في خزينة الأدب الكردي في الاتحاد السوفيتي السابق، إيزيدي الديانة، كردي العرق، له الفضل في جمع العديد من الأغاني والملاحم الشعرية والحكايات والأمثال والحكمالكردية، كما لحن الأغاني، وكان مناضلاً كردياً، ويعتبر أول طالب إيزيدي في محافظة بايزيد، بل عند إيزيدية تركيا والعراق أيضاً.

    ولد فيقرية (توتك) التابعة لناحية ديادين (كيهادين) التركية عام 1899م، ونظراً لحاجة العائلة الىإنسان متعلم لتيسير أمور قريته، فقد أضطر أنيدرس على يد ملا مسلم رغم رفض المجتمع الإيزيدي لذلك، لكنه أصر أن يعلم نفسه لمدة سنتين عند الملا، وأن ينقذ مجتمعه من الأمية والجهل.
فكان يرغب بإكمال دراسته في مدينة (بايزيد)، لكونها مركزاًللثقافة والفلكلور الكردي، فتعلم منها الكثير، وأول كتاب مهم حصل عليه هو (مم وزين) لأحمد خاني، كما أنه وقع تحت التأثيرات والضغوطات التركية من أجل قوميته الكردية.

   في سنة 1918، أصبح أهل (توتك) قسمين:الكرد الإيزيدية الذين أرادوا التوجه إلى (يريفان) عاصمة أرمينيا، والكرد المسلمين الذين توجهوا نحو مدينة (وان) الكردية في كردستان تركيا.وحينما هاجر أهل توتك والقرى الإيزيدية من (قَرَدنكز، قزلدزو، حَمقول)، ومن القرى المجاورة لبايزيد، تركوا موطنهم وتوجهوا نحو منطقة (الكز)، وهنا ينضَم أحمد الى رجال (جانكير أغا) من أجل النضال مع الأرمن ضد القوات التركية، وفي معركة (آخ باران)قاتلوا معاً بضراوة حتى طردوا القوات التركية، وبرز الميرازي في هذه المعركة ببسالة.

   بعد ثورة أكتوبر البلشفية في روسيا عام 1917م وتطبيق القانون، قضى حياته الطبيعية في أرمينيا وأذربيجان وجورجيا، وأخذ يمتهن العمل الثقافي، فحفظ الكثير من المواد والأمثال الشعبية والحكم الكردية، وعمل مع كل من لازو (هاكوب كازاريان) وزوجته (اولكاكازاريان)، وكامل بدرخان، وأسد جانكور، وأمين عفدال، وهوف سيبان، وآخرين في مجال الثقافة الكردية.كما فتح العديد من الجمعيات للغناء والتلحين والرقص الشعبي داخل المدن والقرى الإيزيدية، وفتح المدارس المسائية للطلبة.

   عمل أحمد ميرازي الكثير في جورجيا وتوليش والمناطق الأخرى من أجل الكرد، وفي سنة 1937م جاء إلى أقاربه في منطقة هوكتيبيريان في أرمينيا، وهناك حُمل مسؤوليات كثيرة، وعندما أحيل الى التقاعد بقي في تلك المنطقة.

    كان منذ نعومة أظفاره مولعاً بالأدب، فقرأ العديد من الكتب الروسية والأرمنية والجورجية والتركية، وحينما ألحقت سنوات الإبادة بين عامي (١٩١٨ ـ ١٩٢٠) أضراراً جسيمة بمناطق الأكراد، كانت دور الأيتام في أرمينيا والملاجئ في المدن الجورجية في تبليس وتيلاف وباطم مليئة بالأطفال الأكراد الإيزيديين الأيتام. وفي عام ١٩٢٢م وبمبادرة من أحمد ميرازي ولازو وآخرين، فُتحت لهؤلاء الأطفال في مدينة تبليس مدرسة (١٠١)، حيث تعلموا فيها الكتابة والقراءة والعمل أيضاً، حتى أصبح طلبة هذه المدارس فيما بعد من أشهر علماء الكرد أمثال: قناتي كوردو، وجركز باكايف، والكاتب جردو كينجو، وبطل الإتحاد السوفيتي سمند سيابندوف...

   كان اليتامى من أطفال الكرد الذين فقدوا آباءهم وأُمهاتهم في سنوات ١٩١٨ ـ ١٩٢٠م قد تربوا في ملاجئ الأيتام، ودرسوا فيها حتى المرحلة المتوسطة، وشكلوا الكوادر الكردية الأولى، علماً بأن معظمهم قد نسي لغته الكردية، وأصبح يتكلم الأرمنية، وفي هذا الصدد يذكر المثقف الكردي حاجي جندي كيف أنه ذهب هو وصديقه أميني عفدال بعد تخرجهم من دار الأيتام إلى قرى الكرد ( قونده ساز وآلاغوز) ليتعلموا هناك لغتهم الكردية مرة أُخرى، وقاموا بالتدريس لمدة سنتين هناك، ويقول حاجي جندي:"كنانُعلّم الأطفال، ونتعلم منهم اللغة الأم". وقد أُرسلت في تلك السنوات مجموعة من الطلبة الكرد إلى لينينغراد لمتابعة دراستهم العليا، وأصبح عدد منهم من كبار العلماء وكتبوا اسمهم بأحرف من ذهب في تاريخ أدب وثقافة شعبهم. وهكذا أُعدت الكوادر الأولى حيث انضمّ كل من: حاجي جندي، أميني عفدال، قناتي كوردو، جردو كينجو، وزير نادري، جاسم جليل، وعتاري شرو، أحمد ميرازي، عرب شمو من أجل طباعة الكتب الكردية، وفتحقسم المطبوعات الكردية في المطبعة الحكومية في أرمينيا.

   كتب أحمد ميرازي ونشر العديد منالمقالات والقصائد الشعرية في جريدة (رييا تازة)، ونشر في العديد من المجلات والمنشورات الكردية.  في عام ١٩٣5 أصدر رواية (لغة الجبلZimanêçiya=)، وفي عام 1934م صدر كتاب (مختارات لنتاجات الكتاب الكرد الأوائل في أرمينيا: أحمد ميرازي، جردوكينجو، حاجي جندي، أميني عفدال، عتاري شرو). وفي عام ١٩٣٥ صدر كتاب متضمناً نتاجات كل من: أحمد ميرازي، عرب شمو، أميني عفدال، جردو كينجو، حاجي جندي، وزيري نادري، وعتاري شرو، وفي نفس السنة نشر وقدم مسرحية: (زَمانى جؤيي – العهدالماضي)، وكانت هذه المسرحية تتحدث عن مظالم الترك العثمانيين ضد الكرد، وما قاموا به من سلب ونهب، ومن الاضطهاد والتشريد والهجرة من الوطن.وفي سنة 1936 نشر مجموعة شعرية، وكتاب:(مذكراتي).

   في سنة ١٩٣٧ بدأ ظلم وجور الديكتاتورية الستالينيةيعم سائر أرجاء الإتحاد السوفيتي، وعندها توقفت النشاطاتُ الثقافية الكردية، وتم اعتقال الكثير من المثقفين الكرد، في حين نُفي آخرون، وتم طرد قسم آخر من أعمالهم، فتم نفي عرب شمو إلى سيبيريا، واعتقل أحمد ميرازي، وحاجي جندي، وجردو كينجو، وتوقف التدريس بالكردية في المدارس، بقرار من ستالين، وفي عام ١٩٤١ أصدرت حكومة أرمينيا قراراً باستبدال الأبجدية الكردية ذات الأحرف اللاتينية بالأبجدية الكريلية.

    وبعد موت الطاغية ستالين في منتصف الخمسينات عاد الازدهار والحياة إلى الثقافة الكردية في الإتحاد السوفيتي وخصوصاً في أرمينيا، فعادت جريدة(طريق الجديدة=Riya taza ) إلى الصدور مجدداً، وعادت إذاعة يريفان إلى بث البرامج باللغة الكردية، وفُتح مركز إعداد المعلمين من جديد، واستأنف إتحاد الأدباء الكرد نشاطه ثانية، وتمافتتاح قسم للدراسات الكردية في كل من أكاديمية العلوم الأرمنية، وازداد النشاطالإبداعي أكثر بعد عودة عرب شمو من المنفى، وكان كل من حاجي جندي، أميني عفدال،أحمد ميرازي وجاسم جليل في أفضل سنوات عطائهم وإبداعهم.

   توفي أحمد ميرازي فيقرية (أغيكونتى - قامشلو) من ناحية هوكتيمبيريان في أرمينيا السوفيتية عام1961م، وسيبقى اسمه خالداً الى الأبد لما قدمه من تضحيات في سبيل الارتقاء بمستوى شعبه نحو الذرى والمجد، وما ترك من أدب زاخر، وهو أول من خطى الخطوة الأولى للدخول الىالمدرسة بالرغم من المعوقات والتحديات.

      كتب (مذكرات) في جزأين دونها باللغة الكردية السلافية، وتعرض فيها الى الحديث عن أيام المحن والويلات والتشرد التي حلت بقومه الكرد من قبل الترك العثمانيين، وتفاصيل الهجمات العثمانية على قراهم، وكيفية إبادة الأهالي، وهجرة المتبقين من المتشردين إلى بلاد الروس، والأمية والجهل التي كانت سائدة في تلك الحقبة الزمنية. وقد قام بإعداد وترجمة المذكرات إلى العربية (داود مراد الختار) بعنوان: (المآساة في مذكرات أحمد ميرازي)، صدر عن دار سيبريز، دهوك، 2012م، مع العلم بأن نص هذه المذكرات نشر في مجلة المجمع العلمي الكردي في بغداد بين سنوات 1985و1986، ونقلها الأستاذ شكور مصطفى الى الحروف العربية باللغة الكردية (7).

 

القسم الثالث والاخير 

أصليكا قادر

 

فاطمة عيسى

 

كولا أرمني (كشه)

 

الفنانة سوسكا سمو