Share |

فلنتذكر مبدعينا – رزو أوسي (1950-2010)

رزو أوسي
رزو أوسي

سنتناول في هذه الحلقة من سلسلة فلنتذكر مبدعينا كاتب وناقد ولغوي كوردي خدم الثقافة الكوردية بصورة عظيمة، فقد كان إنساناً خلوقاً ومهذباً طيب القلب حلو المعشر والمجالسة، وشامل الثقافة ووافر المعلومات، كان يعمل بصمت لا يهمه اوسمة ولا أضواء الشهرة والمال، همه الوحيد الرفع من شأن الثقافة والادب الكوردي الذي له بصمات واضحة عليها وعلى العديد من نتاجات المثقفين الكورد في غرب كوردستان، انه الكاتب واللغوي رزو أوسي الذي يمر ذكرى رحيله الرابع هذه الايام.

منشأه

اسمه الحقيقي عبدالرزاق علي أوسي، ولد في قرية الدكشورية التابعة لمدينة تربسبية( غرب كوردستان)، في 10 من شهر تشرين الاول عام 1950، ودرس الابتدائية في قرية التنورية المجاورة لقريته، ثم انتقل الى القامشلي وانهى دراسة الثانوية، حيث عاد ودرس مادة الرياضيات في مدينة تربسبية ومن ثم سافر الى المانيا عام 1970 ودرس في احدى جامعاتها لمدة عامين لينقل بعدها للدراسه في روسيا ونال شهادة هندسة البترول من جامعة موسكو، وعاد بعد ذلك الى بلده وبقي لاعوام عاطلاً عن العمل الى ان توظف في حقول رميلان النفطية.

اهم نشاطاته وفعالياته الثقافية

اثناء دراسته سواء في المانيا او في موسكو كان مثابراً على اللغة الكوردية وباحثاً عن قواعدها، واقام دورات تعليم اللغة الكوردية للطلبة الكورد في جامعة موسكو، واصبح عضواً في هيئة تحرير مجلة ( شورشكر) اي الثوري في برلين الغربية آنذاك، وهو احد الاعضاء المؤسسين لرابطة كاوا للمثقفين الكورد التي طبعت وترجمت العديد من الكتب الثقافية المتنوعة، كما كان احد اعضاء اللجنة التوحيدية للجمعيات الكوردية في اوربا، كما له باع طويل في الصحافة الكوردية حيث اصبح مسؤول لجنة نشر بيان (روناكبير) اي المثقف، ومؤسس مجلة ( ستير) اي النجمة مع الدكتور زردشت حاجو عام 1983 في القامشلي، وعضو لجنة تحرير مجلة ( برس) اي السؤال، ومدرس تعليم دورات اللغة الكوردية في القامشلي، وكان احد أعضاء لجنة منح جائزة جكرخوين الادبية، وهو عضو القلم الكوردي، هذا غيض من فيض ما قام به نشاطات وفعاليات فردية وجماعية لاجل الرفع من شأن الثقافة والادب الكوردي سواء اثناء فترة دراسته في السبعينيات بين المانيا وروسيا، وبعد مجيئه الى الوطن لغاية السنوات القليلة التي سبقت وفاته، ناهيك عن الكتب والابحاث والدراسات التي انجزها خلال تلك الفترة، وبحكم المامه باللغة الكوردية وتخصصه فيها، كان احد المراجع اللغوية في منطقة الجزيرة كلها فكان له الفضل في اصدار العديد من الكتب الادبية الكوردية والتي قام بمراجعتها وتدقيها وتصحيحها.

مشاركاته الادبية في المهرجانات والمحافل الثقافية

 بغض النظر عن اهتمامته بالاضواء والشهرة، والتي لم تكن احدى احلامه وطموحاته التي جناها بفعل خدماته وعرق جبينه، وسهره وتعبه على الادب والثقافة الكوردية، إلا انه كان منارة وشعلة موقدة وعرف في جميع اجزاء كوردستان ولاسيما في شماله وجنوبه حيث حضر العديد من المهرجانات الادبية والقى العديد من المحاضرات حول اللغة والثقافة والادب الكوردي في دياربكر وبعض المدن الاخرى، وحضر كونفرانس القلم الكوردي والتركي تحت رعاية القلم العالمي ومنظمة اليونسكو في آمد، وكذلك حضر المهرجان الثقافي الاول والثاني في دهوك، ومهرجان جكرخوين في أربيل، والعديد من المناسبات الاخرى، ومهرجانات الادب والشعر في منطقة الجزيرة والمناطق الاخرى.

نتاجاته الادبية

خلف رزو أوسي وراءه كماً كبيراً من المخطوطات الادبية وحتى التراثية الفلكلورية واللغوية غير المطبوعة و لم ترى النور حتى بعد رحيله، سوى مجموعة من القصص الفلكلورية الكوردية وطبعها في 5 كتب خاصة بالقصص الشعبية للاطفال، ناهيك عن المئات من المقالات الادبية واللغوية والتراثية الناتجة عن ابحاثه ودراسته التي اجراها، وقد نشرت في المجلات التي كان يحررها وغيرها التي كانت تصدر في تلك الفترات، وصدر بعد رحيله بعامين مجموعة قصصية مؤلفة 12 قصة قصيرة من دار نشر (ليس) بدياربكر، كما ان العديد من المخطوطات باللغة الكوردية كالقصص والقصائد الشعرية والنقد بقيت وتنتظر الطبع.

خاتمة

بقي روز أوسي مدافعاً صلباً ومخلصاً ووفياً لقضية شعبه وثقافته، حتى وافته المنية في القامشلي بعد اصابته بمرض العضال في الرابع من آذار عام 2010 وبمشاركة جماهيرية كبيرة وري جثمانه الثرى في مسقط رأسه قرية الدكشورية، وكتب على شاهد قبره ابيات من قصيدة قد كتبها قبل رحيله ( غابت نجمتي، لم اعد انير بعد اليوم)، ترك خلفه زوجته سامية أبنة الكاتب الراحل ملا احمد نامي وولديه سالار وروند، وجاء دورهم ليحملوا ذلك الارث الثقافي الكبير، ويحافظوا عليه ويجاهدوا في سبيل اخراجه للنور، لم تفقده افراد اسرته فقط برحيله بل فقده الادب الكوردي وكانت خسارة كبرى وهو في ذروة عطاءه، وترك اثراً بليغاً في نفوس المثقفين الكورد وكل من عاشره، وكتب عنه وقيل عليه الكثير بعد رحيله، ستبقى ذكراه مطبوعة في قلوب وعقول المثقفين الكورد ووجدانهم.

 

جريدة التآخي