Share |

مشاهد منْ حلبجة…عبد الستار نورعلي

 

1.      صور من المعركة:

 

المذيعُ ذو الوجهِ الجهِمْ

يُعلنُ عنْ نصرٍيفوقُ كلَّ نصرْ،

للفارسِ المقدامْ

والأسدِ الهصورْ

على عدوِ الحقِّ والسلامْ:

الطفلِ ،

المرأةِ،

المُقعَدِ،

الشيخِ الهرِمْ

وثوبِهِ المُهترئ القديمْ!

 

المذيعُ في حماسةِ الثوارْ:

ـ هيا انظروا!

أجسادُ أعداءِ زمانِ الحقِّ ..

قد تمزّقتْ.

صقورُنا البواسلُ الأغيارْ

قد شتّتوا الأعداءْ

اشلاءَ في أشلاءْ!

اللهُ أكبر!

فاستبشروا، تتارَنا العظامْ!

 

2. هنا إذاعةُ كوردستان:

 

وردّدَ المذيعُ في حماسةِ الألمْ،

والغضبِ المكتومِ بالحِـمَمْ،

يُعلنُ تصريحاً عن الشمسِ التي

قد اعلنَتْ حِـدادَها،

تسربلَتْ بالدمْ،

عن قمرٍ يمرُّ كلَّ ليلةٍ عبرَ كُـوىً،

يدغدغُ النعاسَ في عيونِ طفلٍ غارقٍ

في قصةٍ منْ قصصِ الأحلامْ،

فلا ينامْ،

عنْ نسمةٍ تعطّرتْ بريحةِ الصبايا،

فأزهرَتْ مواسمُ الأعراسْ،

عنْ منجلٍ في كفَِّ فتيانٍ منَ الفولاذْ،

تسابقوا نحو الحقولْ،

فأجّجوا الفصولْ،

عنْ حُلُمٍ في قلبِ شيخٍ باحثٍ عنْ أرضْ،

يُلقي عليها الجسدَ المكدودْ،

وشارةَ البنودْ

خفّاقةً في حومةِ الجدودْ.

 

وردّدَ المذيعُ في حماسةِ الألمْ

والغضبِ المكتومِ بالحِمَمْ:

 

حدِّقْ إلى الأجسادِ كيفَ تناثرتْ

شِـلواً على شِـلوٍ منَ الأشـلاءِ

 

رقصتْ على أحشاءِ طفلٍ خيلُهمْ

رقصَ الفَخورِ بـزُخرُفِ الـخُيَلاءِ

 

وتطايرَتْ فوق اللهيبِ فَخارُهمْ

كِبراً ككِـبرِ مـطارقِ الجبناءِ

 

يـومٌ يلـوحُ وفي ثنـايـا شـوقِـهِ

شُحَنٌ تُحلِّقُ في صدى الأنواءِ

 

الكلُّ ماضٍ في مسيرةِ همِّهِ

همٌّ تواصلَ وسطَ فيضِ عناءِ

 

زُمَرٌ من العُقبانِ تهدرُ في الفضا

لا ترتوي مـنْ شاحناتِ دماءِ

 

ألقَتْ على حُلَلِ المودةِ والنقا

فـيضـاً منَ الأحقادِ والأرزاءِ

 

* (صور من المعركة) تضمين منْ عنوان لبرنامج تلفزيوني كان يُعرَض على شاشة تلفزيون العراق أيام الحرب العراقية الايرانية في الثمانينات: صور لقتلى الجيش الايراني وهم اشلاء متبعثرة ممزّقة ومتفحّمة. كانت مناظر مرعبة مقزّزة، يدلُّ عرضُها على نزعة فاشية متوحشة، تحمل من الأحقاد والتخلّف وروح البداوة خزيناً نفسياً متراكماً، وتهدف إلى بثِّ الرعب في نفوس الناس، وتمزيق النسيج النفسي والاجتماعي من خلال نشر القتل والتوحش والعنف ثقافةً وعادةً وفخراً.

 

عبد الستار نورعلي

  آذار 1994