Share |

نوروز كبرى مناسبات الكورد في وجدان الشعراء ... هوزان أمين

يعد عيد نوروز من أقدم وأقدس المناسبات الكوردية، لكونه يوم يعبر فيه الانسان الكوردي بصدق عن هويته وعلى اثبات وجوده القومي، حيث تقام المهرجانات الشعبية والاحتفالات الوطنية بالازياء الكوردية والتراثية بمشاركة جميع أبناء شعب كوردستان صغاراً وكباراً

ويبعثون من خلالها رسائل حب من شعب حي ومناضل وتواق الى الحرية إلى الإنسانية جمعاء، من خلال شعاع الأمل في انجلاء الظلم وبزوغ فجر الحرية، لان هذا اليوم يعتبر العيد القومي لدى الشعب الكوردي ورأس السنة الكوردية الجديدة، حيث يصادف في هذا اليوم انقلاباً طبيعياً في الطقس، و يتساوى الليل بالنهار ويعلن نهاية فصل الشتاء وبداية الدخول الى فصل الربيع، و تلبس الطبيعة ثوباً اخضراً جميلاً ويتلاشى تدريجياً آثار الشتاء وبرودته، ويدل هذا على معاني نوروز بإعتباره اليوم الجديد وفق التعريف الكوردي، ويدل على تجدد الحياة واستمرارها  .

فإذا كان لذلك اليوم معاني ومدلولات طبيعية تعني الاعتدال الربيعي والذي يقع عادة بين 20 و22 آذار، لدى الشعوب الآسيوية والشرق اوسطية انما لهذا اليوم معاني ومدلولات خاصة لدى الشعب الكوردي، حيث يعتبر بالنسبة لهم نهاية فصل من الظلم وبداية التحرر من نير العبودية والاستغلال، وما اشعال النيران في مساء ذلك اليوم حتى قدوم اليوم التالي إلا دلالة على الانتصار والخلاص من الظلم ورمزاً للتحرر.

لكل امة من امم الارض يوم للاستقلال والتحرر يكون مقدساً بالنسبة لهم ويحتفلون به، فبالنسبة للشعب الكوردي يعتبر هذا اليوم يوماً قومياً وعيداً وطنياً، ويعد من أجمل الأيام و يبدأ الاحتفال به منذ الصباح حتى اليوم الثاني حيث تشعل النار في مساء العشرين من نوروز فوق أعالي الجبال والمرتفعات ويعقدون حوله حلقات الدبكة وينشدون الاغاني الثورية، ويخرجون جميعاً للطبيعة في اليوم التالي كباراً وصغاراً ويلبسون الزي الفولكلوري الكوردي تيمناً بهذا اليوم المبارك، حيث يجد الفرح والسرور مكانا له في قلوب هذا الشعب، لانه يوم اندحار الظلم وبزوغ فجر الحرية، يوم أشعل (كاوا الحداد) شعلة الأمل في مستقبل جميل ومشرق، يوم أسقط قلعة الظلم وأعلن بداية عصر جديد، على الرغم من ما يحمله هذا الشهر من ذكريات آليمة، فلو تفحصنا روزنامة هذا الشهر لرأينا أنه في كل يوم فاجعة او مجزرة او مصيبة حلت بالشعب الكوردي، اذاً فهذا الشهر له مكانه وخاصية مميزة لدى الشعب الكوردي.

ففي هذا اليوم التاريخي الكبير الذي يعتز به الكورد في العالم، والذي حاز على اهتمام الشعراء الكورد على مر العصور والأزمان وتغنوا به حتى الوقت الحاضر، وانعكست معاني ورموز نوروز في قصائدهم وكتبوا عنه اجمل الابيات الشعرية.

فالشاعر الكبير ملايي جزيري (1407-1481) يذكر في قصيدة له بخصوص “نوروز” حيث يشير إلى توهج نارها البهي  في القلوب و نورها المضيئ يدل على مناسبة رأس السنة والاحياء والانتعاش.

ئه ف نارى سيقالا دله دايم ل وى قالا دله        نوروز و سه رسالا دله وقتى هاتينه ئه و سيراج

اما أمير الشعراء وصاحب ملحمة "مه م وزين" أحمدي خاني (1650-1706) يشيد بهذه المناسبة التي تعكس آمال وطموحات الكورد في الحرية والاستقلال، ويشير إلى خروج الناس إلى الطبيعة للاحتفال والتنزه وانشراح القلوب.

روزا كو دبويه عيدى نه رووز       تعظيم ز بو دمال دل ئه فروز

 اما الشاعر مولوى (1806-1882) المعروف بحبه وعشقه للطبيعة والمعروف بشاعر الحب والطبيعة فهو يقول عن نوروز انه  علامة على بداية الربيع والخير.

نيشانه ى نه وروز واده ى بوه هار ه ن        يا نيشانه ى ئاماى نامه ى نيكَاره ن

وفي قصيدة “نوروز” للشاعر وفائى (1841-1902) شاعر الغزل والهيام نجد بأنه يرى في حلول الربيع واطلالة “نوروز” انتعاش الهوى والحب بين العشاق وتبادل الرسائل القلبية بينهم.

نه سيمى بادى نه وروزى شه ميمى عه بهه ر ى هينا       به ريدى عاشقان ديسان به يامى دلبه رى هينا

اما الشاعر جكرخوين (1903-1984) فيرحب بنوروز في قصيدته (نوروز كيو) نسبة الى البطل الميدي كيوخسرو، و الذي يعتبر مجيئ نوروز احياء للطبيعة ولجمال الوطن في شهر آذار، وعيداً لكوردستان .

ئاداره ئاداره     نوروز و بهاره

ئاداره ره نكينه    ده م و به نكا زينه

نابى وه ك نيسانى    جزنا كوردستانى

هذا غيض من فيض، مما كتب عن هذه المناسبة فقد تناولها شعراء قدماء آخرين من الكورد وغيرهم من الشعراء العرب والفرس ولا يتسع المجال لسردهم جميعاً، ناهيك عن ما كتبه الشعراء المعاصرين عن معاني هذا اليوم و دلالته، اعتقد انه لم يبقى شاعر كوردي إلا وتناول موضوع نوروز وكتب عنه، وكذلك استطيع الادعاء انه لم يبقى مطرب وفنان كوردي راحل وحاضر إلا وله اغنية او نشيد على هذا اليوم الموعود الذي يجتمع فيه قلوب الكورد معاً، و يرفعون مشعل الحرية عالياً وينشدون معاً اغنية "نوروز" المشهورة للفنان الراحل حسن زيرك، ومن كلمات الشاعر بيره ميرد والتي غدت أنشودة جماهيرية حية وخالدة تصدح بها الحناجر في الاحتفالات النوروزية كل عام، والتي تبقى بدون ادنى شك من اجمل الكلمات واعذب الالحان وهي من القصائد التي بقيت خالدة في نفوس الشعب الكوردي وستبقى الى الابد   ( اذكر هنا ثلاث ابيات مترجمة للعربية).

هذا اليوم من السنة الجديدة ( نوروز ) قد عاد      عيد الكورد القديم بالفرح والخير عاد

نـوروزهو الذي أجج في قلوب الشباب نارا        تجعلهم يستقبلون الموت بعشق ومحبة

لاينبغي البكاء على شهداء الوطن            أنهم لن يموتوا فأنهم أحياء في القلوب

المصدر : جريدة التآخي