Share |

هل سيتداعى حكم الملالي في إيران؟!...عمر كوجري

عمر كوجري
عمر كوجري

منذ اندلاع ما سُمّيت بالثورة الإسلامية في إيران عام 1979 ووصول الخميني من منفاه الباريسي إلى طهران، وحكم الشعوب الإيرانية معلناً انتهاء عهد الشاهنشاهية إلى الأبد، وأن لا وجود لأمّة إيرانيةٍ، وإن الإيرانيين جزء من أمة إسلامية عالمية.

  منذ حوالي خمسة وأربعين عاماً وحتى اللحظة أجبر حكم الملالي وآيات الله الذين حكموا البلاد بالحديد والنار الشعوب الإيرانية بمختلف قومياتها ودياناتها ومذاهبها على تقديم فاتورة هائلة من دماء وآلام خيرة الشباب، وتراجُع مستوى المعيشة، والانهيار الاقتصادي والمجتمعي، وهجرة مئات الآلاف من الإيرانيين إلى خارج الحدود، إضافة إلى الدمار الهائل الذي لحق بإيران جرّاء حرب الثماني سنوات بينها وبين النظام العراقي بعد عام واحد من «نجاح» الثورة في إيران...!!

 

 

   لم تتحسّن حياة الشعوب الإيرانية لأنّ النظام الذي حاول أن يمزج الحكم بين «الديمقراطي والديني» فشل في ذلك، فصار الحكم دينياً دكتاتورياً بحتاً، اعتمد على التشيّع ونشر تعاليمه في مختلف البلدان، أكثرها في (- لبنان- البحرين- أفغانستان- اليمن- سوريا) سوريا التي أعلنت الحداد الرسمي على روح رئيسي لثلاثة أيام تنتكس الأعلام (المنتكسة أصلاً) في عموم وطن النظام.  

   على أساس كراهية شعوب عديدة اكتوت من نار جهاز الاستخبارات الإيراني "الحرس الثوري" استقبلت قطاعات واسعة من الشعوب الإيرانية أيضاً خبر تحطُّم طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية أمير عبداللهيان بالإضافة إلى عدد من المرافقين يوم 20 أيار الحالي بالمزيد من الفرح، حيث كان متوجّهاً إلى مدينة تبريز شمال غربي إيران، بعد عودته من الحدود الأذربيجانية، وافتتح سدي قيز قلاسي وخودافارين، فقد عمّت الأعراس والأفراح في العديد من المدن والأرياف الإيرانية ابتهاجاً بمصرع الرئيس رئيسي..

   لا ترغب المساهمةُ الخوضَ في تفاصيل حادثة السقوط إن كان بفعل الطبيعة حيث الأرض الجبلية الوعرة والغابات والضباب، أو بفعل فاعل، سواء أكان خارج الحدود الإيرانية، وبشكل خاص سلطات «تل أبيب» في إسرائيل، أو حتى السي آي أي الأمريكية، أو جهة تابعة لدولة تعاني الأمرّين من السلوك المخزي لنظام الملالي في إيران، والفرضيات في حوادث كهذه تزدادُ حدة، وخاصة في مثال دولة تمارس الإرهاب المنظّم، دولة مارقة تنشر الفوضى، وتتدخّل في شؤون الدول كإيران، وتلعب بنار تخصيب اليورانيوم، وتصدّر الإرهاب والإرهابيين في عموم المنطقة.

    التكهّنات خلال الأيام الماضية كانت كثيرة جداً، وتبارى المحلّلون السياسيون والخبراء العسكريون للإدلاء بآرائهم في حادثة تحطُّم الطائرة الرئاسية بيد أن هذا الحادث لن يؤثّر على المشهد العام للبلاد، كون النظام «ممسوكاً» من أوله لآخره بيد المرشد الثورة وولي الفقيه علي خامنئي، وهو يدير مؤسسات حساسة وهامة عديدة في إيران، وهي قادرة على انتقال سلس للسلطة، وإجراء انتخابات هي بوضعها العام صورية وشكلية لتعيين رئيس جديد لإيران دون حدوث اضطرابات كبرى، وجهاز الحرس الثوري الذي كان مدعوماً بشكل كبير من الرئيس رئيسي له خبرة طويلة في سحق وإنهاء أعمال العصيان والتمرُّد الشعبي.

   رغم الدستورية الشكلية للنظام الإيراني إلا أنّ سِجِل رئيسي الشنيع في مجال حقوق الإنسان، قد أبهج أهالي الضحايا، ومنهم الشعب الكردي في كوردستان الشرقية، الذي اكتوى بالجرائم التي نفّذها رئيسي بحقّ الكرد عندما كان في مناصبَ سابقةْ، أو حين أصبح رئيساً للدولة عام 2021 ففي عهده قتلت «الشرطة الأخلاقية» الناشطة الكردية مهسا أميني بحجة واهية وهي عدم ارتدائها الحجاب!! إضافة إلى إعدام المئات من الشباب الكرد تحت ذرائع واهية.

   والحالة هذه، إن سِجِلّ الرئيس المقتول كان أسودَ وسيّئاً في مجال الانتهاكات المريعة لحقوق الإنسان، ففي يوم انتخابه رئيساً، قالت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية «إن صعود إبراهيم رئيسي إلى الرئاسة بدلاً من إخضاعه للتحقيق في الجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والإخفاء القسري والتعذيب، إنما هو تذكير مروّع بأن ظاهرة الإفلات من العقاب تسود في إيران. في عام 2018، وثقت منظمتنا كيف كان إبراهيم رئيسي عضواً في “لجنة الموت” التي اخفت قسراً وأعدمت خارج نطاق القضاء سرّاً آلاف المعارضين السياسيين في سجني إيفين وجوهردشت بالقرب من طهران في عام 1988.»

  عطفاً على عنوان المساهمة، وكما قلنا من السهل انتخاب أو تعيين رئيس جديد لإيران، ولكن قد تكون هذه بداية النهاية لحكم ولاية الفقيه الذي أرساه الخميني، فضمن العائلة الحاكمة ونظام الحكم، توجد تيارات قوية متصارعة، بدأت تتنافس مع المرشد علي الخامنئي، والمقتولان جرّاء سقوط أو إسقاط الطائرة كانا شديدَيْ القرب من الأخير، وبحكم العمر الزمني غير الطاعن للرئيسي كان يمكن أن يحلّ محلّ المرشد الذي بلغ من العمر عتياً، وحان الوقت لرحيله، وكان يمكن أن يكون وزير الخارجية عبداللهيان رئيساً للجمهورية الإسلامية الإيرانية، لو لم تتدخّل أيادٍ بالغةِ القوة لإزاحتهما من المشهد الرئيسي والمهم في إيران، وكان لها ما أرادت.