Share |

واشوكاني ليست يتيمة ...بقلم : جوان سعدون.

 

مدينة واشوكاني/ واشوكانو عاصمة المملكة الميتانية الهورية أسلاف الكورد

على أرض سوبارتو الكوردية ويعود ذلك إلى أواسط الألف الرابع ق.م . أي

حوالي 3500 ق.م في مكان تل فخارية حاليا ً.

وكانت تعرف باسم كابارا في العهد الآرامي، وغوزانا في العهد الآشوري و

رازينا أو رسين و تيودسليوس في العهد الروماني ثم سميت رش عينو وبعد ذلك

سميت قطف الزهور و عين ورد و أخيراً سرى كانية أو رأس العين المدينة

الحالية .مدينة سرى كانية كما يسميها الكورد وبالترجمة للعربية رأس العين

, بالاضافة إلى تل حلف و تل الفخيرية هي مواقع تختزن تاريخ المنطقة

وذاكرة العصور لدهور تزيد على خمسة ألاف سنة. لا يخفى ما كان للمياه من

شأن كبير في جذب الأقوام وتوفير مقومات الاستقرار والتوطين ولذلك كانت

منطقة الخابور وينابيعها بشكل خاص توفر عقدة مواصلات هامة بين الشرق

والغرب وبين الشمال والجنوب وقد هيأها ذلك لأن تكون موطن عمران منذ فجر

التاريخ. أقدم مظهر حضاري هو ما باحت به المكتشفات الأثرية في تل حلف،

فقد دلت على وجود شعب عامل نشيط عرفه التاريخ باسم الشعب الهوري الميتاني

على أرض سوبارتو الذي أسس دولة واسعة الأطراف، تحدث الادريسي في كتابه

نزهة المشتاق عن سرى كانية (رأس العين) قائلاً :" رأس العين مدينة كبيرة

فيها مياه نحو من ثلاثمائة عين عليها شباك حديد تحفظ مايسقط فيها، ومن

هذه المياه ينشأ معظم نهر الخابور الذي يصب في قرية البصيرة . أما ياقوت

الحموي في كتابه معجم البلدان فقد قال : هي مدينة مشهورة من مدن الجزيرة

بين حران و نصيبين و دنيسر، وفي رأس العين عيون كثيرة عجيبة صافية وتجتمع

كلها في موضع فتشكل نهر الخابور واشهر هذه العيون أربع: عين الآس و عين

الصرار و عين الرياحية و عين الهاشمية . في واقع الأمر إن تلك المسميات

للعيون غير مستخدمة حالياً ولا يوجد في رأس العين من يعرف مواقع العيون

المسماة في كتاب الحموي.

في آواخر الألفية السادسة تم تخريبها مرتين بشكل كامل , في سنة (640 م)

وقعت واشوكاني تحت سيطرة العرب في العصر الأموي أثناء خلافة عمر بن

الخطاب , وفي القرن العاشر الميلادي سيطر عليها البزنطيين مقتحمين

خيراتها وجمال طبيعتها وكانت المدينة في العصر العباسي مركزاً تجارياً

هاماً ومحطة هامة للقوافل ومصيفاً للخليفة العباسي المتوكل وغيره من

الخلفاء العباسيين . كما أتخذ منها السلطان صلاح الدين الأيوبي مركزاً

للأستراحة مدة عام كامل بعد فتحه لها وفتحه للجزيرة العليا كلها وشمال

العراق وحلب.

وسرى كانية (رأس العين) الحالية بنيت من جديد في العهد العثماني سنة

(1878م) حيثُ كانت خاضعة لحكم الإمارة الملّية الكوردية بقيادة ابراهيم

باشا الملي والذي حافظ على المسيحيين فيها أثناء المجزرة التي قام بها

الأتراك بحق الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى كانت مصيف لمير ميران

كردستان " ابراهيم باشا المللي " في الربيع .... كان يخيم فيها عندما

يخرج عن عاصمته " ويران شهر " .... تبعد عن "ويران شهر " حوالي 50 كلم

.... أول بيت بني فيها هو بيت المير " خليل بك بن ابراهيم باشا" ....

فيها معبر حدودي مع تركيا , اقفل سنة1970 م, فيها قبور بعض أبناء ابراهيم

باشا المللي , وقبر زوجته الخاتون " خنساء باشا " .... اتخذها ابناء

ابراهيم باشا المللي مركز لهم بعد تركهم "ويران شهر " بسبب ثورة ابيهم

على الاتراك سنة 1907م , وثورتهم هم على الاتراك سنة1920م ... وأيضاً

كانوا نواباً عنها وعن محافظة الحسكة في مجلس الشعب السوري منذ تاسيس

الجمهورية السورية ...وحافظ أبنائه عليهم هناك أيضا ً أثناء مجزرة السيفو

سنة (1915م) والتي استهدفت (السريان والآشور والكلدان) في المنطقة.

وأثناء تنفيذ تقسيم جغرافية كوردستان إلى أربعة أقسام باتفاقية لوزان في

سويسرا عام (24 يوليو/تموز 1923م ) تقسّمت سرى كانية (رأس العين) إلى

شطرين سميت سرى كانية الشمالية باسم(Ceylan pinar-جيلان بنار) وظلّ

سكانها الكورد ينادوها (سرى كانيا سر ختة) أي رأس العين الشمالية.

عاشت الشعوب في هذه المدينة الجميلة وبفسيفسائها الخليط بين الكورد

والعرب والسريان والآشور والكلدان والأرمن والتركمان مثل سوريا مصغّرة

وناضلوا معا ً ضد المستعمر الفرنسي وصبروا على ظلم الأسد حتى ثورة الكورد

عام (2004 م) حيث قامت الثورة في جميع المناطق الكوردية بما فيها سرى

كانية التي خرجت بالغالبية الكوردية حتى استطاع حكم البعث قمعها بشدة بعد

42 شهيدا ً كورديّاً في غرب كوردستان جاهدين بث الفتنة والفساد بين

مكوناتها الكوردية العربية والمسيحية , بعد ذلك هدأ الوضع من جديد حتى

عام (2011م -3- 15) حيث قامت الثورة السورية المباركة وشارك فيها جميع

أبناء مدينة سرى كانية حيثُ خرجوا للتظاهر بصدورهم العارية وبثورة سلمية

تطالب بالحقوق , وفي منتصف شهر نوفمبر من سنة (2012م) و في ظلّ ظروف

استثنائية تمّ دخول الكتائب المسلحة فيها مستهدفة المحبة بين أبناء هذه

المدينة من تركيا لتعيث فيها فوضى وفساد بحجة تحرير المنطقة حيثُ تمّ قصف

المدينة بطائرات الميغ في اليوم التالي راح ضحيتها عشرات الشهداء من

العرب والكورد في المنطقة بعدها شدّد أهالي المدينة وشبابها خاصة على عدم

تدخل أي قوى مسلحة غريبة في المنطقة وقرروا أن يحموها بأنفسهم لكن جاء

ذلك في وقت نزح فيه الآلاف من سكانها إلى القسم الشمالي من سرى كانية

التركية (جيلان بنار) حيث توافدت إليها كتائب كوردية من أبناء المنطقة

وعرب إليها وأحدثت تلك الكتائب الغريبة التي دخلت من تركيا فتنة بينهما

لتقوم معارك فيها راح ضحيتها عدد من الشهداء من الطرفين وفي النهاية تمت

وأد تلك الفتنة وتوقيع اتفاقية كوردية عربية لحماية المنطقة معا ً بقوات

من أبناء المنطقة نفسها ضد أي مظهر غريب مسلح فيها بعد أن أصبحت المدينة

مدينة أشباح وخالية من سكانها, اللذين نزحوا و تشردوا في شوارع جيلان

بنار كوردا ً وعربا ً حيثُ وصلت إليهم العديد من حملات الإغاثة وإلى الآن

تتم إغاثتهم ويعيشون بصعوبة بالغة لما تعرضت له المدينة الجميلة

والمتنوعة بسكانها وحضارتها العريقة من ظلم وتدمير لبناها التحتية وسكنها

.

 

................. المصادر :

The Ancient Near East: C. 3000-330 BC

كتاب: تل حلف والمنقب الأثري ماكس فون أوبنهايم الكاتب: ناديا خوليديس +

لوتس مارتين ترجمة د. فاروق إسماعيل.الناشر: دار الزمان ـ دمشق ـ 2007 م

عن أحفاد ابراهيم باشا المللي (فيصل ابراهيم باشا)

اتحاد تنسيقيات شباب الكورد - أحداث قصف سرى كانية