Share |

لنتذكر مبدعينا - أردوان زاخويي ( 1957-1986)

صورة اردوان زاخويي - تمثاله في زاخو
صورة اردوان زاخويي - تمثاله في زاخو

هوزان أمين- التآخي -ذكرت في الحلقة السابقة من سلسلة حلقات لنتذكر مبدعينا حينما عدنا بالذاكرة الى ثلاثون عاماً مضى على رحيل الفنان أياز زاخويي انني عازم على تناول حياة الفنان أردوان زاخويي في الحلقة القادمة كون الفنانين أياز وأردوان كانا متقاربي الشخصية عاشا في بيئة واحدة وشربا معاً من ماء الخابور

وغنى معاً وكانا كالصنوان لا يفترقان في الافراح والاتراح وفي السراء والضراء وأوجه الشبه بينهما كثيرة وحتى في رحيلهم شاءت الصدف ان تكون في أواخر شهر كانون الثاني من عام 1986 ولكن الاختلاف يكمن في ان لأياز قبر في زاخو يزوره اهله ومحبيه، اما لأردوان فلا اثر له منذ ان اختفى في بغداد بعد رحيل اياز بعدة ايام ويقال انه اعدم على يد ازلام المخابرات العراقية زمن النظام البائد.

انا متررد في وضعه في خانة الراحلين كون هذه السلسلة من حلقات لنتذكر مبدعينا يتناول حياة المبدعين الكورد الذين رحلوا عن هذه الدنيا وخلفوا ورائهم ارثاً وفناً وابداعاً ثقافياً للاجيال القادمة، ولا زالت ترد انباء بين الحين والآخر يقال ان اردوان ما زلا حياً وآخرها كانت قبل عدة اعوام ذكرت بأن اردوان مسجون منذ مدة طويلة في احدى السجون الايرانية ولا تزال امه تنتظر خبراً او دليلاً على وفاته او بقائه على قيد الحياة.

أردوان زاخويي فنان مشهور وصاحب خزينة كبيرة من الاغاني الكوردية القومية والفولكلورية رغم حياته القصيرة الحافلة بالمفارقات والمحطات الحزينة زمن الثورة واخلاصه لكوردستان والتزامه مع البيشمركة الابطال على ذرى جبال كوردستان وفي زمن الهجرة الى ايران وغيرها العديد من المحطات التي اريد من خلال هذه الحلقة تسليط الضوء عليها كون المصادر العربية قليلة جداً عنه.

حياته و بداياته الفنية

ولد أردوان الفنان أردوان على محمد طه المعروف بـ زاخويي نسبة الى مدينته التي افتخر بالانتماء له زاخو عام 1957 ضمن اسرة وطنية مؤلفة من ثمانية صبيان وثلاث بنات، درس الابتدائية في زاخو وكان يشارك بالغناء في الحفلات المدرسية لم يستطع اتمام دراسته بسبب ظروف الحياة الصعبة وحينما بدت عليه علامات الفن منذ صغره حيث اتينا على ذكر مدينة زاخو ودورها وبيئتها الحاضنة والمؤهلة لتنشئة وخلق جيل كبير من الفنانين الذين تركوا بصمات وعلامات بارزة في الفن الكوردي نظراً لبيئتها واجوائها الطبيعية الرائعة وجغرافيتها المتميزة حيث تربط منطقتين غنيتين بكل شيء وعلى رأسها الفولكلور ببعضها البعض، فقد تأثر أردوان ايضاً كما الكثيرين من ابناء جيله بتلك الاوساط الفنية وصالونات (الدنك بيز) اي الغناء الشفاهي المحفوظ في قلوب المطربين وانتقالها عبر الاجيال، حيث ارتاد أردوان بيت الطرب وايوانات المغنيين في صغره، وحفظ تلك الاغاني عن ظهر قلب، و خرج الى الحفلات و غنى مع الكثيرين من الفنانيين في تلك المرحلة امثال أياز زاخويي وتحسين طه و بشار وسمير زاخويي ...الخ وأسس مع مجموعة من اصدقائه فرقة شباب زاخو الفنية.

 راديو بغداد واولى نتجاته

بعد ان اشتهر في منطقته وزاع صيته ذهب الى بغداد عام 1977 وسجل هناك بعض اغانيه الجديدة في القسم الكوردي في إذاعة بغداد، فقد كان اردوان قوياً ولا يهاب شيئاً فقد غنى اغانيه الثورية القومية وعن كوردستان حتى في بغداد بالرغم من الرقابة والمنع الذي كان يفرضه النظام على كل شيء حتى على الاغاني والفنون، سجل اولى اعماله الفنية على كاسيت عام 1978 وانتشر ذلك الكاسيت كثيراً واشتهر بها ولا سيما في منطقة بهدينان، ولاقى دعم وتشجيع كبار الفنانين في ذلك الزمان امثال محمد عارف جزرواي وكولبهار وتحسين طه ...الخ

في صفوف البيشمركة

نظراً لحبه لوطنه كوردستان واستعداده للتضحية والفداء في سبيله وكذلك اغانيه الثورية التي تمجد البيشمركة الابطال و عن طبيعة كوردستان الخلابة فقد وجد ضالته في الالتزام والانضمام الى البيشمركة الابطال ليتسنى له الدفاع وطنه على ذرى جبال كوردستان حيث كان انضمامه على مرحلتين أولها بين عامي 1979 – 1980 وفي المرة الثانية بين أعوام 1981 و 1984، الى جانب حمله للسلاح استمر بالغناء هناك ايضاً في اذاعة صوت كوردستان صوت ثورة كوردستان العراق عام 1983 وانضم الى فرقة كولان الفنية هناك وسجل العديد من الاناشيد الوطنية من ضمنها اغنيته المشهورة ( دايى ئرو ئه ز بيشمركة مه) اي امي أنا بيشمركة اليوم واغنية ( كوردستان كوردستان بارى كران) اي كوردستان حملك ثقيل وغيرها من الاغاني التي ظلت معلقة في الذكرة ولا تنفصل.

هاجر الى ايران برفقة عائلته وبقي هناك لمدة حيث لاقى العذاب والصعوبات ومر الحياة كما تعرض لحادث دخل المستشفى ثم عاد الى مخيمات اللاجئين الكورد العراقيين وعين في مقر المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني في ايران وداوم هناك وغنى للبيشمركة ليخفف عنهم عذاب البعد والفراق عن الوطن، وفي كلمة مسجلة على كاسيت ارسلها الى اهله في زاخو يقول فيها انه مرتاح جداً في وظيفته الجديدة والحزب يهتم به كثيراً ولكنه يطلب من اهله ان يؤمنوا له جواز سفراً وكمية من المال لكي يسافر بها الخارج حيث قرر من هناك ان يهاجر الى اوربا حيث ذهب الى كوردستان تركيا من هناك محاولاً الهجرة الى اوربا.

العودة الى زاخو

بعد فشله في الهجرة الى اوربا من تركيا كونه لا يملك وثيقة سفر عراقية عاد مجدداً الى زاخو للحصول على جواز السفر حيث صادف مجيئة رحيل صديقه أياز زاخولي وغنى على قبره راثياً رفيق صباه ودربه كسر قلبه وفقد رغبته في السفر مجددا حيث تم دعوته بعد ايام من رحيل أياز الى بغداد للمشاركة في حفلة للاكراد في بغداد عام 1986 ذهب دون تردد وخرج كالبطل كالبيشمركة المغوار والثوري الذي لا يهاب شيئاً واستقبل اسقبالاً حاراً وغنى الكثير من اغانيه دون تحفظ وبعد انتهاء الحفلة ليلة 29 كانون الثاني عام 1986 عاد الى الفندق (أغادير) الذي كان يقيم فيه ومنذ تلك الليلة فقد اثره ولم يعد، بالرغم من محاولات اهله معرفة مصيره لم يبح السلطات البعثية بشيء لهم، ولكن الشيء المؤكد في الامر انه اقتيد من قبل رجال المخابرات البعثية الى مكان ما ويقال انه انه تم تصفيته بوسيلة ما ولم يتركوا اثراً له حتى لا يكشف امرهم.

خاتمة

اردوان زاخويي كان متزوجاً وله بنت وصبي غادرا الى اوربا واستقرا في السويد بعد فقدانه، اردوان كان يتقن اللغة العربية والفارسية الى جانب لغته الام الكوردية، وهو صاحب خزينة كبيرة من الاغاني الكوردية الفولكلورية والثورية الكوردستانية قدرت بـ 200 أغنية منوعة سجلها خلال مسيرته الغنائية القصيرة بين أعوام 1970 لغاية1986 منها العديد من الاغاني الفولكلورية من منطقة بهدينان وكذلك ألف بنفسه العديد من الاغاني وغناها كما غنى من كلمات كبار الشعراء الكورد أمثال (جكرخوين- صالح اليوسفي- خالص خليل- الشهيد محمود هالو – عبدالعزيز خياط...وغيرهم الكثيرين ممن نهلوه الكلمات الحلوة وزينها هو بالحانه الجميلة بالتعاون مع الملحنين امثال عبالعزيز سليمان وسمير زاخويي وعماد آكريي وغيرهم لصنعوا منها اجمل الاغاني، كما غنى مع فنانين كبار كثر مثل اياز زاخويي وتحسين طه محمد طيب طه وسعيد كاباري ...الخ

بدءاً من القسم الكوردي في راديو بغداد سجلت أولى نتاجاته واستمر بالغناء وتسجيل الكاسيتات لغاية رحيله حيث تم تسجيل العديد من الامسيات الغنائية وتصوير بعض الاغاني على طريقة الكليب الغنائي وحتى بعد فقدانه تم اصدار شريط غنائي له كان قد سجله ولكن لم توزع بعد.

 اقامت مديرية الثقافة والفنون في دهوك مهرجاناً فنياً للفنانين أياز وأردوان زاخويي في22-23/02/2006 في مدينة زاخو كما وضعت لكل منهما تمثالين في زاخو، سوف يظل أردوان حياً في وجدان وقلوب محبيه لا زالت صدى اغانية تدوي على قمم جبال كوردستان في مدنها وقراها.